للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها ولد أي ولا والد، لأنها لو كان لها والد لم يرث الأخ شيئا، فإن فرض أن معه من له فرض صرف إليه فرضه كزوج أو أخ من أم، وصرف الباقي إلى الأخ لما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر» (١). وقوله: ﴿فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ﴾ أي فإن كان لمن يموت كلالة أختان، فرض لهما الثلثان وكذا ما زاد على الأختين في حكمهما، ومن هاهنا أخذ الجماعة حكم البنتين كما استفيد حكم الأخوات من البنات في قوله: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ﴾ [النساء: ١١].

وقوله: ﴿وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ هذا حكم العصبات من البنين وبني البنين والإخوة إذا اجتمع ذكورهم وإناثهم، أعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، وقوله ﴿يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ﴾ أي يفرض لكم فرائضه، ويحد لكم حدوده، ويوضح لكم شرائعه. وقوله:

﴿أَنْ تَضِلُّوا﴾ أي لئلا تضلوا عن الحق بعد البيان ﴿وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ أي هو عالم بعواقب الأمور ومصالحها وما فيها من الخير لعباده، وما يستحقه كل واحد من القرابات بحسب قربه من المتوفى.

وقد قال أبو جعفر بن جرير (٢): حدثني يعقوب، حدثني ابن علية، أنبأنا ابن عون عن محمد بن سيرين قال: كانوا في مسير، ورأس راحلة حذيفة عند ردف راحلة رسول الله ، ورأس راحلة عمر عند ردف راحلة حذيفة، قال ونزلت ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ﴾ فلقاها رسول الله حذيفة فلقاها حذيفة عمر، فلما كان بعد ذلك سأل عمر عنها حذيفة فقال: والله إنك لأحمق إن كنت ظننت أنه لقانيها رسول الله ، فلقيتكها كما لقانيها رسول الله ، والله لا أزيدك عليها شيئا أبدا، قال: فكان عمر يقول: اللهم إن كنت بينتها له، فإنها لم تبين لي، كذا رواه ابن جرير، ورواه أيضا عن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين كذلك بنحوه، وهو منقطع بين ابن سيرين وحذيفة.

وقد قال الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو البزار في مسنده: حدثنا يوسف بن حماد المعني ومحمد بن مرزوق قالا: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن أبي عبيدة بن حذيفة عن أبيه قال: نزلت آية الكلالة على النبي وهو في مسير له فوقف النبي ، وإذا هو بحذيفة وإذا رأس ناقة حذيفة عند ردف راحلة النبي فلقاها إياه، فنظر حذيفة فإذا عمر فلقاها إياه فلما كان في خلافة عمر نظر عمر في الكلالة، فدعا حذيفة فسأله عنها فقال حذيفة: لقد لقانيها رسول الله ، فلقيتكها كما لقاني


(١) صحيح البخاري (فرائض باب ٥ و ٧ و ٩ و ١٥) وصحيح مسلم (فرائض حديث ٢ و ٣) وسنن الترمذي (فرائض باب ٨)
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٣٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>