للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والروم وهم لا يعبدون الله، فاستوى جالسا وقال: «أفي شك أنت يا ابن الخطاب. أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» (١) فقلت استغفر لي يا رسول الله. وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله ﷿.

وقد رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عن الزهري به، وأخرجه الشيخان من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبيد بن حنين، عن ابن عباس، قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجا فخرجت معه فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له، قال: فوقفت حتى فرغ ثم سرت معه، فقلت: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي . هذا لفظ البخاري، ولمسلم:

من المرأتان اللتان قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ﴾ قال عائشة وحفصة، ثم ساق الحديث بطوله ومنهم من اختصره.

وقال مسلم (٢) أيضا: حدثني زهير بن حرب، حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار عن سماك بن الوليد أبي زميل، حدثني عبد الله بن عباس، حدثني عمر بن الخطاب، قال: لما اعتزل نبي الله نساءه دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله نساءه، وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب فقلت لأعلمن ذلك اليوم، فذكر الحديث في دخوله على عائشة وحفصة ووعظه إياهما، إلى أن قال: فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله على أسكفة المشربة، فناديت فقلت: يا رباح استأذن لي على رسول الله ، فذكر نحو ما تقدم-إلى أن قال-فقلت: يا رسول الله ما يشق عليك من أمر النساء، فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما تكلمت-وأحمد الله-بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي، فنزلت هذه الآية آية التخيير ﴿عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ﴾ ﴿وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ﴾ فقلت: أطلقتهن؟ قال: «لا» فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه. ونزلت هذه الآية ﴿وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٨٣] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر.

وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة ومقاتل بن حيان والضحاك وغيرهم ﴿وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أبو بكر وعمر، زاد الحسن البصري وعثمان، وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد ﴿وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قال: علي بن أبي طالب.


(١) أخرجه البخاري في النكاح باب ٨٣، والمظالم باب ٢٥، ومسلم في الطلاق حديث ٣٦، والترمذي في تفسير سورة ٦٦.
(٢) كتاب الطلاق حديث ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>