للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع أصحابه.

وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً﴾ قال ابن جرير (١): اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ يعني قبل موت عيسى يوجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال، فتصير الملل كلها واحدة، وهي ملة الإسلام الحنيفية، دين إبراهيم . ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾، قال: قبل موت عيسى ابن مريم . وقال العوفي عن ابن عباس مثل ذلك، وقال أبو مالك في قوله: ﴿إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ قال: ذلك عند نزول عيسى، وقبل موت عيسى ابن مريم ، لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به وقال الضحاك عن ابن عباس ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾: يعني اليهود خاصة. وقال الحسن البصري: يعني النجاشي وأصحابه، رواهما ابن أبي حاتم. وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا أبو رجاء (٢) عن الحسن ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ قال: قبل موت عيسى والله إنه لحي عند الله، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن عثمان اللاحقي، حدثنا جويرية بن بشير، قال: سمعت رجلا قال للحسن: يا أبا سعيد، قول الله ﷿: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾، قال: قبل موت عيسى، إن الله رفع إليه عيسى وهو باعثه قبل يوم القيامة مقاما يؤمن به البر والفاجر. وكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغير واحد، وهذا القول هو الحق، كما سنبينه بعد بالدليل القاطع إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.

قال ابن جرير (٣): وقال آخرون: يعني بذلك ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾ بعيسى قبل موت صاحب الكتاب، ذكر من كان يوجه ذلك إلى أنه علم الحق من الباطل لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في الآية، قال: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى. حدثني ابن المثنى، حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ﴿إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ كل صاحب كتاب يؤمن بعيسى قبل موته قبل موت صاحب الكتاب. وقال ابن عباس: لو ضربت عنقه لم تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى. حدثنا ابن حميد، حدثنا أبو نميلة يحيى بن واضح، حدثنا حسين بن واقد عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لا يموت اليهودي حتى يشهد أن


(١) تفسير الطبري ٤/ ٣٥٦.
(٢) في الطبري: «حدثنا ابن علية عن أبي رجاء».
(٣) تفسير الطبري ٤/ ٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>