للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال ابن جرير (١): حدثنا ابن حميد، حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، قال: كان اسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليقتله رجلا منهم يقال له داود، فلما أجمعوا لذلك منه، لم يفظع عبد من عباد الله بالموت فيما ذكر لي فظعه، ولم يجزع منه جزعه، ولم يدع الله في صرفه عنه دعاءه، حتى إنه ليقول فيما يزعمون: اللهم إن كنت صارفا هذه الكأس عن أحد من خلقك، فاصرفها عني. وحتى إن جلده من كرب ذلك ليتفصد دما، فدخل المدخل الذي أجمعوا أن يدخلوا عليه فيه ليقتلوه هو وأصحابه، وهم ثلاثة عشر بعيسى . فلما أيقن أنهم داخلون عليه، قال لأصحابه من الحواريين، وكانوا اثني عشر رجلا، فطرس، ويعقوب بن زبدي ويحنس أخو يعقوب، واندراييس، وفيلبس، وأبرثلما، ومنتا، وطوماس، ويعقوب بن حلفيا، وتداوسيس، وقثانيا، ويودس زكريا يوطا، قال ابن حميد: قال سلمة:

قال ابن إسحاق: وكان فيما ذكر لي رجل اسمه سرجس، وكانوا ثلاثة عشر رجلا سوى عيسى ، جحدته النصارى، وذلك أنه هو الذي شبه لليهود مكان عيسى، قال: فلا أدري هو من هؤلاء الاثني عشر، فجحدوه حين أقروا لليهود بصلب عيسى وكفروا بما جاء به محمد من الخبر عنه، فإن كانوا ثلاثة عشر، فإنهم دخلوا المدخل حين دخلوا، وهم بعيسى أربعة عشر، وإن كانوا اثني عشر، فإنهم دخلوا المدخل وهم ثلاثة عشر.

قال ابن إسحاق: وحدثني رجل كان نصرانيا فأسلم، أن عيسى حين جاءه من الله إني رافعك إلي، قال: يا معشر الحواريين، أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة حتى يشبّه للقوم في صورتي فيقتلوه في مكاني؟ فقال سرجس: أنا يا روح الله. قال: فاجلس في مجلسي، فجلس فيه، ورفع عيسى ، فدخلوا عليه، فأخذوه فصلبوه، فكان هو الذي صلبوه، وشبه لهم به، وكانت عدتهم حين دخلوا مع عيسى معلومة، وقد رأوهم فأحصوا عدتهم، فلما دخلوا عليه ليأخذوه وجدوا عيسى وأصحابه فيما يرون، وفقدوا رجلا من العدة، فهو الذي اختلفوا فيه، وكانوا لا يعرفون عيسى، حتى جعلوا ليودس زكريا يوطا ثلاثين درهما على أن يدلهم عليه ويعرفهم إياه، فقال لهم: إذا دخلتم عليه فإني سأقبله، وهو الذي أقبل فخذوه، فلما دخلوا، وقد رفع عيسى ورأى سرجس في صورة عيسى، فلم يشك أنه هو، فأكب عليه يقبله، فأخذوه فصلبوه. ثم إن يودس زكريا يوحنا ندم على ما صنع فاختنق بحبل حتى قتل نفسه، وهو ملعون في النصارى، وقد كان أحد المعدودين من أصحابه، وبعض النصارى يزعم أنه يودس زكريا يوحنا، وهو الذي شبه لهم، فصلبوه وهو يقول: إني لست بصاحبكم، أنا الذي دللتكم عليه، والله أعلم أي ذلك كان. وقال ابن جرير (٢) عن مجاهد: صلبوا رجلا شبه بعيسى ورفع الله ﷿ عيسى إلى السماء حيا، واختار ابن جرير أن شبه عيسى ألقي على


(١) تفسير الطبري ٤/ ٣٥٣.
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>