للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن جرير (١): وقد يكون الرهبان واحدا وجمعه رهابين، مثل قربان وقرابين، وجردان (٢) وجرادين، وقد يجمع على رهابنة، ومن الدليل على أنه يكون عند العرب واحدا قول الشاعر: [الرجز] لو عاينت رهبان دير في القلل … لا نحدر الرهبان يمشي ونزل (٣)

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا بشر بن آدم. حدثنا نصير بن أبي الأشعث، حدثني الصلت الدهان عن جاثمة بن رئاب، قال: سألت سلمان عن قول الله تعالى ﴿ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً﴾ فقال: دع القسيسين في البيع والخرب، أقرأني رسول الله «ذلك بأن منهم صديقين ورهبانا»، وكذا رواه ابن مردويه من طريق يحيى بن عبد الحميد الخاني عن نضير بن زياد الطائي، عن صلت الدهان، عن جاثمة بن رئاب، عن سلمان به.

وقال ابن أبي حاتم: ذكره أبي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الخاني، حدثنا نضير بن زياد الطائي، حدثنا صلت الدهان عن جاثمة بن رئاب قال: سمعت سلمان وسئل عن قوله ﴿ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً﴾ فقال هم الرهبان الذين هم في الصوامع والخرب فدعوهم فيها، قال سلمان: وقرأت على النبي ﴿ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ﴾ فأقرأني «ذلك بأن منهم صديقين ورهبانا» فقوله ﴿ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ تضمن وصفهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع، ثم وصفهم بالانقياد للحق واتباعه والإنصاف، فقال ﴿وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ أي مما عندهم من البشارة ببعثة محمد ﴿يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ﴾ أي مع من يشهد بصحة هذا ويؤمن به.

وقد روى النسائي عن عمرو بن علي الفلاس، عن عمر بن علي بن مقدم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت هذه الآية في النجاشي وفي أصحابه ﴿وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ﴾ وروى ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في مستدركه من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله ﴿فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ﴾ أي مع محمد وأمته هم الشاهدون، يشهدون لنبيهم أنه قد بلغ، وللرسل أنهم قد بلغوا، ثم قال الحاكم:

صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.


(١) تفسير الطبري ٥/ ٥.
(٢) الجردان: الغضيب من ذوات الحافر، أو هو عام.
(٣) ويروى: «لو كلمت … يسعى». والرجز بلا نسبة في لسان العرب (رهب) وتهذيب اللغة ٦/ ٢٩٠ وتاج العروس (رهب) وتفسير الطبري ٥/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>