للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ» قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ «الْجَمَاعَاتُ الْجَمَاعَاتُ» . قَالَ يعقوب بن زيد: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلا فيه قرآنا، قال وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ وتلا أيضا قَوْلِهِ تَعَالَى:

وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ يَعْنِي أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَبِهَذَا السِّيَاقِ، وَحَدِيثُ افْتِرَاقِ الْأُمَمِ إِلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ مَرْوِيٌّ مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ في موضع آخر ولله الحمد والمنة.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٦٧]]

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٦٧)

يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمِ الرِّسَالَةِ، وَآمِرًا لَهُ بِإِبْلَاغِ جَمِيعِ مَا أرسله الله به، وقد امتثل عليه أفضل الصلاة والسلام ذَلِكَ، وَقَامَ بِهِ أَتَمَّ الْقِيَامِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مِنْ حدثك أن محمدا كتم شيئا مما أنزل الله عليه فقد كذب، والله يَقُولُ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الآية «١» ، هكذا رواه هاهنا مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ مطولا، وكذا رواه مسلم في كتابي الْإِيمَانِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ مِنْ سُنَنِهِمَا مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهَا قَالَتْ: لَوْ كان محمدا صلّى الله عليه وسلم كاتما شيئا من القرآن لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ «٢» .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إن ناسا يأتونا فيخبروننا أَنَّ عِنْدَكُمْ شَيْئًا لَمْ يُبْدِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم للناس فقال ابن عباس: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَاللَّهِ مَا وَرَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ، وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَهَكَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّوَائِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْوَحْيِ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قُلْتُ: وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر «٣» .


(١) صحيح البخاري (تفسير سورة آل عمران باب ٦) .
(٢) صحيح البخاري (توحيد باب ٢٢) وصحيح مسلم (إيمان حديث ٢٨٨) .
(٣) صحيح البخاري (جهاد باب ١٧١ وجزية باب ١٠ و ١١ واعتصام باب ٥ وعلم باب ٣٩ وفرائض باب ٢١ وديات باب ٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>