للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ كَيْفَ رَوَاهُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ، وَلَا عَرَّفَ بِحَالِهِ، وَلَا تَعَرَّضَ لِضَعْفِ بَعْضِ رِجَالِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ رَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مُرْسَلًا بِنَحْوِهِ وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مُرْسَلًا قَرِيبًا مِنْهُ.

ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَهْزَاذَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَاةَ وَهُوَ يَخْطُبُنَا عَلَى مِنْبَرِ الْمَدَائِنِ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَلَائِكَةً تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمْ مِنْ خِيفَتِهِ مَا مِنْهُمْ مَلَكٌ تَقْطُرُ مِنْهُ دَمْعَةٌ مِنْ عَيْنِهِ إِلَّا وَقَعَتْ عَلَى مَلَكٍ يُصَلِّي، وَإِنَّ مِنْهُمْ مَلَائِكَةً سُجُودًا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السموات والأرض لم يرفعوا رؤوسهم وَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ مِنْهُمْ ملائكة ركوعا لم يرفعوا رؤوسهم منذ خلق الله السموات وَالْأَرْضَ وَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا رفعوا رؤوسهم نَظَرُوا إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ» وَهَذَا إِسْنَادٌ لا بأس به.

وقوله تعالى: وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: وَما هِيَ أَيِ النَّارُ الَّتِي وصفت إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ ثم قال تعالى: كَلَّا وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ أَيْ وَلَّى وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ أَيْ أَشْرَقَ إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ أَيِ الْعَظَائِمِ يَعْنِي النَّارَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ نَذِيراً لِلْبَشَرِ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ أَيْ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَقْبَلَ النِّذَارَةَ وَيَهْتَدِيَ لِلْحَقِّ أَوْ يَتَأَخَّرَ عَنْهَا ويولي ويردها.

[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٣٨ الى ٥٦]

كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢)

قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧)

فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢)

كَلاَّ بَلْ لَا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦)

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا أَنَّ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ أَيْ مُعْتَقَلَةٌ بِعَمَلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ فَإِنَّهُمْ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ أَيْ يَسْأَلُونَ الْمُجْرِمِينَ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ وَأُولَئِكَ فِي الدِّرْكَاتِ قَائِلِينَ لَهُمْ: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ أي ما عبدنا الله وَلَا أَحْسَنَّا إِلَى خَلْقِهِ مِنْ جِنْسِنَا وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ أَيْ نَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا نَعْلَمُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كُلَّمَا غَوِيَ غَاوٍ غَوَيْنَا مَعَهُ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ يعني الموت كقوله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الْحِجْرِ: ٩٩] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أما هُوَ- يَعْنِي عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ- فَقَدْ جَاءَهُ اليقين من

<<  <  ج: ص:  >  >>