للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الطفل صغيرا لا يفهم ذلك: فلا بأس بدخوله على النساء، فأما إن كان مراهقا، أو قريبا منه، بحيث يعرف ذلك ويدريه ويفرق بين الشوهاء والحسناء، فلا يمكن من الدخول على النساء، وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله أنه قال «إياكم والدخول على النساء» قيل:

يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال «الحمو الموت» (١).

وقوله تعالى: ﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ﴾ الآية، كانت المرأة في الجاهلية إذا كانت تمشي في الطريق وفي رجلها خلخال صامت لا يعلم صوته، ضربت برجلها الأرض، فيعلم الرجال طنينه، فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك، وكذلك إذا كان شيء من زينتها مستورا فتحركت بحركة لتظهر ما هو خفي دخل في هذا النهي لقوله تعالى: ﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ﴾ إلى آخره ومن ذلك أنها تنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها ليشتم الرجال طيبها، فقد قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن ثابت بن عمارة الحنفي، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى ، عن النبي أنه قال «كل عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا» (٢) يعني زانية، قال وفي الباب عن أبي هريرة: وهذا حسن صحيح، رواه أبو داود والنسائي من حديث ثابت بن عمارة به.

وقال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله، عن عبيد مولى أبي رهم، عن أبي هريرة قال: لقيته امرأة وجد منها ريح الطيب ولذيلها إعصار، فقال: يا أمة الجبار جئت من المسجد؟ قالت: نعم. قال لها: وله تطيبت؟ قالت:

نعم، قال: إني سمعت حبي أبا القاسم يقول: «لا يقبل الله صلاة امرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة» (٣). ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن سفيان هو ابن عيينة به. وروى الترمذي أيضا من حديث موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد، عن ميمونة بنت سعد أن رسول الله قال «الرافلة في الزينة في غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها» (٤)، ومن ذلك أيضا أنهن ينهين عن المشي في وسط الطريق لما فيه من التبرج.

قال أبو داود (٥): حدثنا القعنبي، حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد عن ابن أبي اليمان عن شداد بن أبي عمرو بن حماس، عن أبيه، عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع


(١) أخرجه البخاري في النكاح باب ١١١، ومسلم في السلام حديث ٢٠.
(٢) أخرجه أبو داود في الترجل باب ٧، والترمذي في الأدب باب ٣٥، والنسائي في الزينة باب ٣٥، والدارمي في الاستئذان باب ١٨.
(٣) أخرجه أبو داود في الترجل باب ٧، وابن ماجة في الفتن باب ١٩.
(٤) أخرجه الترمذي في الرضاع باب ١٣، وابن ماجة في الفتن باب ١٩.
(٥) كتاب الأدب باب ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>