للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن بن رافع أحد بني عدي بن النجار، قال: انتهى أنس بن النضر عمّ أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا ما بأيديهم، فقال: ما يخليكم؟ فقالوا: قتل رسول الله ، قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل .

وقال البخاري (١): حدثنا حسان بن حسان، حدثنا محمد بن طلحة، حدثنا حميد عن أنس بن مالك أن عمه يعني أنس بن النضر، غاب عن بدر فقال: غبت عن أول قتال النبي لئن أشهدني الله مع رسول الله مع رسول الله ليرين الله ما أجد، فلقي يوم أحد فهزم الناس، فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء-يعني المسلمين-وأبرأ إليك مما جاء به المشركون، فتقدم بسيفه فلقي سعد بن معاذ، فقال: أين يا سعد إني أجد ريح الجنة دون أحد، فمضى فقتل، فما عرف حتى عرفته أخته ببنانه بشامة (٢)، وبه بضع وثمانون من طعنة وضربة ورمية بسهم، هذا لفظ البخاري، وأخرجه مسلم من حديث ثابت عن أنس بنحوه.

وقال البخاري (٣) أيضا: حدثنا عبدان، حدثنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب، قال: جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا، فقال: من هؤلاء القعود؟ قالوا: هؤلاء قريش. قال: من الشيخ؟ قالوا: ابن عمر، فأتاه فقال: إني سائلك عن شيء فحدثني، قال: سل، قال: أنشدك بحرمة هذا البيت، أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد؟ قال: نعم. قال: فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال:

نعم. فكبر، فقال ابن عمر: تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه، أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه، وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله وكانت مريضة، فقال له رسول الله : «إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه» وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه فبعث عثمان، فكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فقال النبي بيده اليمنى: «هذه يد عثمان» فضرب بها على يده فقال:

«هذه يد عثمان اذهب بها الآن معك» ثم رواه البخاري من وجه آخر على أبي عوانة، عن عثمان بن عبد الله بن موهب.

وقوله تعالى: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ﴾ أي صرفكم عنهم إذ تصعدون أي في الجبل هاربين من أعدائكم. وقرأ الحسن وقتادة ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ﴾ أي في الجبل ﴿وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ﴾ أي وأنتم لا تلوون على أحد من الدهش والخوف والرعب ﴿وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ﴾ أي وهو قد خلفتموه وراء ظهوركم يدعوكم إلى ترك الفرار من الأعداء، وإلى الرجعة


(١) صحيح البخاري (مغازي باب ١٨)
(٢) في البخاري: «عرفته أخته بشامة أو ببنانه».
(٣) صحيح البخاري (مغازي باب ١٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>