للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم محمد؟ فقال «لا تجيبوه». فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال «لا تجيبوه». فقال:

أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال: إن هؤلاء قد قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا. فلم يملك عمر نفسه فقال له: كذبت يا عدو الله قد أبقى الله عليك ما يحزنك، قال أبو سفيان: اعل هبل.

فقال النبي : «أجيبوه» قالوا: ما نقول قال: «قولوا: الله أعلى وأجل». قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم. فقال النبي «أجيبوه» قالوا: ما نقول؟ قال «قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم». قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، وتجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني، تفرد به البخاري من هذا الوجه، ثم رواه عن عمرو بن خالد عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن البراء بنحوه، وسيأتي بأبسط من هذا.

وقال البخاري (١) أيضا: حدثنا عبيد الله بن سعيد، حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: لما كان يوم أحد هزم المشركون، فصرخ إبليس:

أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فبصر حذيفة، فإذا هو بأبيه اليمان فقال: أي عباد الله أبي أبي. قال: قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة:

يغفر الله لكم. قال عروة: فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله ﷿.

وقال محمد بن إسحاق (٢): حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده أن الزبير بن العوام قال: والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند وصواحباتها مشمرات هوارب ما دون أخذهن كثير ولا قليل، ومالت (٣) الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه يريدون النهب، وخلوا ظهورنا للخيل، فأتتنا من أدبارنا، وصرخ صارخ: ألا إن محمدا قد قتل، فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم. قال محمد بن إسحاق: فلم يزل لواء المشركين صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فدفعته لقريش فلاثوا به (٤).

وقال السدي، عن عبد خير قال: قال عبد الله بن مسعود: ما كنت أرى أن أحدا من أصحاب رسول الله يريد الدنيا حتى نزل فينا ما نزل يوم أحد ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ وقد روي من غير وجه عن ابن مسعود، وكذا روي عن عبد الرحمن بن عوف وأبي طلحة، رواهن ابن مردويه في تفسيره.

وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾ قال ابن إسحاق (٥): حدثني القاسم بن


(١) صحيح البخاري (مغازي باب ١٨)
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ٧٧ - ٧٨.
(٣) في السيرة: «إذا مالت».
(٤) لاثوا به: اجتمعوا حوله والتفّوا.
(٥) سيرة ابن هشام ٢/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>