للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داود بن علي بن عبد الله بن عباس به، وهكذا رواه ابن أبي حاتم والبيهقي في دلائل النبوة من حديث سليمان بن داود الهاشمي به. ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها.

فقال الإمام أحمد (١): حدثنا عفان، حدثنا حماد عن عطاء بن السائب، عن الشعبي، عن ابن مسعود، قال: إن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين، فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر أنه ليس منا أحد يريد الدنيا، حتى أنزل الله ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾ فلما خالف أصحاب رسول الله ، وعصوا ما أمروا به، أفرد النبي في تسعة: سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، وهو عاشرهم ، فلما رهقوه قال: «رحم الله رجلا ردهم عنا» قال: فقام رجل من الأنصار فقاتل ساعة حتى قتل، فلما رهقوه أيضا قال: «رحم الله رجلا ردهم عنا» فلم يزل يقول ذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول الله لصاحبيه: «ما أنصفنا أصحابنا» فجاء أبو سفيان فقال: اعل هبل: فقال رسول الله : «قولوا: الله أعلى وأجل»، فقالوا: الله أعلى وأجل. فقال أبو سفيان، لنا العزى ولا عزى لكم. فقال رسول الله : «قولوا: الله مولانا والكافرون لا مولى لهم» فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر. فيوم علينا ويوم لنا، يوم نساء ويوم نسر، حنظلة بحنظلة وفلان بفلان وفلان بفلان. فقال رسول الله : «لا سواء: أما قتلانا فأحياء يرزقون، وأما قتلاكم ففي النار يعذبون» فقال أبو سفيان، لقد كان في القوم مثلة، وإن كان لعن غير ملأ (٢) منا، ما أمرت ولا نهيت، ولا أحببت ولا كرهت، ولا ساءني ولا سرني، قال: فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه، وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها. فقال رسول الله :

«أكلت شيئا»؟ قالوا: لا. قال: «ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة في النار» قال: فوضع رسول الله : حمزة فصلى عليه، وجيء برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه، فرفع الأنصاري وترك حمزة حتى جيء بآخر فوضع إلى جنب حمزة فصلى عليه، ثم رفع وترك حمزة، حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة، تفرد به أحمد أيضا.

وقال البخاري (٣): حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: لقينا المشركين يومئذ وأجلس النبي جيشا من الرماة وأمر عليهم عبد الله بن جبير، وقال «لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا» فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل رفعن عن سوقهن، قد بدت خلاخلهن، فأخذوا يقولون الغنيمة الغنيمة. فقال عبد الله بن جبير: عهد إليّ النبي أن لا تبرحوا فأبوا، فلما أبوا صرف وجوههم فأصيب سبعون قتيلا، فأشرف أبو سفيان فقال: أفي


(١) مسند أحمد ١/ ٤٦٣.
(٢) أي عن غير مشاورة.
(٣) صحيح البخاري (مغازي باب ١٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>