للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، عن عبيد الله عن ابن عباس أنه قال: ما نصر الله في موطن كما نصر يوم أحد، قال: فأنكرنا ذلك، فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله، إن الله يقول في يوم أحد ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ يقول ابن عباس والحسن: القتل ﴿حَتّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ الآية، وإنما عنى بهذا الرماة، وذلك أن النبي أقامهم في موضع ثم قال: «احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا» فلما غنم النبي ، وأباحوا عسكر المشركين، أكبّت الرماة جميعا دخلوا في العسكر ينهبون، ولقد التقت صفوف أصحاب رسول الله فهم هكذا-وشبك بين يديه-وانتشبوا، فلما أخل الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها، دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب رسول الله ، فضرب بعضهم بعضا، والتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير، وقد كان النصر لرسول الله وأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة، وجال المسلمون جولة نحو الجبل، ولم يبلغوا-حيث يقول الناس-الغار، إنما كانوا تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمد، فلم يشكوا به أنه حق، فلا زلنا كذلك ما نشك أنه حق حتى طلع رسول الله بين السعدين نعرفه بتلفته إذا مشى، قال: ففرحنا حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا، قال: فرقى نحونا وهو يقول: «اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسول الله» ويقول مرة أخرى: «اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا» حتى انتهى إلينا فمكث ساعة، فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل اعل هبل-مرتين يعني إلهه-أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر : يا رسول الله ألا أجيبه؟ قال «بلى». فلما قال: اعل هبل.

قال عمر: الله أعلى وأجل. فقال أبو سفيان: قد أنعمت عينها فعاد: عنها أو فعال. فقال أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر، هذا رسول الله ، وهذا أبو بكر، وها أنا ذا عمر. قال: فقال أبو سفيان، يوم بيوم بدر، الأيام دول، وإن الحرب سجال، قال: فقال: عمر: لا سواء قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار. قال: إنكم تزعمون ذلك، لقد خبنا وخسرنا إذن، ثم قال أبو سفيان: إنكم تسجدون في قتلاكم مثلة ولم يكن ذلك عن رأي سراتنا. قال: ثم أدركته حمية الجاهلية، فقال: أما إنه إن كان ذلك لم نكرهه. هذا حديث غريب وسياق عجيب، وهو من مرسلات (٢) ابن عباس، فإنه لم يشهد أحدا ولا أبوه، وقد أخرجها الحاكم في مستدركه عن أبي النضر الفقيه، عن عثمان بن سعيد، عن سلمان بن


(١) مسند أحمد ١/ ٢٨٧ - ٢٨٨.
(٢) المرسل في مصطلح الحديث هو ما سقط من إسناده الصحابي، كأن يقول التابعي: قال رسول الله، ولا يذكر الصحابي الذي أخذه عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>