للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فلما لبسه دانت له الجن والإنس والشياطين وعاد إلى حاله وهرب الشيطان حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر فأرسل سليمان في طلبه وكان شيطانا مريدا فجعلوا يطلبونه ولا يقدرون عليه حتى وجدوه يوما نائما فجاؤوا فبنوا عليه بنيانا من رصاص فاستيقظ فوثب فجعل لا يثيب في مكان من البيت إلا انماط معه الرصاص، قال فأخذوه فأوثقوه وجاءوا به إلى سليمان فأمر به فنقر له تخت من رخام ثم أدخل في جوفه ثم سدّ بالنحاس ثم أمر به فطرح في البحر فذلك قوله : ﴿وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ﴾ قال: يعني الشيطان الذي كان سلط عليه، إسناده إلى ابن عباس قوي، ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس إن صح عنه من أهل الكتاب وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان فالظاهر أنهم يكذبون عليه، ولهذا كان في هذا السياق منكرات من أشدها ذكر النساء فإن المشهور عن مجاهد وغير واحد من أئمة السلف أن ذلك الجني لم يسلط على نساء سليمان بل عصمهن الله ﷿ منه تشريفا وتكريما لنبيه . وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب، والله أعلم بالصواب.

قال يحيى بن أبي عمرو الشيباني: وجد سليمان خاتمه بعسقلان فمشى في خرقة إلى بيت المقدس تواضعا لله ﷿، رواه ابن أبي حاتم. وقد روى ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار في صفة كرسي سليمان خبرا عجيبا فقال حدثنا أبي حدثنا أبو صالح كاتب الليث أخبرني أبو إسحاق المصري عن كعب الأحبار أنه لما فرغ من حديث إرم ذات العماد قال له معاوية: يا أبا إسحاق أخبرني عن كرسي سليمان وما كان عليه ومن أي شيء هو، فقال كان كرسي سليمان من أنياب الفيلة مرصعا بالدر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ، وقد جعل له درجة منها مفصّصة بالدر والياقوت والزبرجد عن ثم أمر بالكرسي فحف من جانبيه بالنخل نخل من ذهب شماريخها من ياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وجعل على رؤوس النخل التي عن يمين الكرسي طواويس من ذهب ثم جعل على رؤوس النخل التي على يسار الكرسي نسورا من ذهب مقابلة الطواويس، وجعل على يمين الدرجة الأولى شجرتا صنوبر من ذهب وعلى يسارها أسدان من ذهب وعلى رؤوس الأسدين عمودان من زبرجد، وجعل من جانبي الكرسي شجرتا كرم من ذهب قد أظلتا الكرسي وجعل عناقيدهما درا وياقوتا أحمر.

ثم جعل فوق درج الكرسي أسدان عظيمان من ذهب مجوفان محشوان مسكا وعنبرا، فإذا أراد سليمان أن يصعد على كرسيه استدار الأسدان ساعة ثم يقعان فينضحان ما في أجوافهما من المسك والعنبر حول كرسي سليمان ثم يوضع منبران من

<<  <  ج: ص:  >  >>