للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهَا فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ إِلَيْهَا بشير فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ «١» ، وَذُكِرَ أَنَّهُ نَأَى بِصَدْرِهِ عند الموت وأن الله تبارك وتعالى أَمَرَ الْبَلْدَةَ الْخَيِّرَةَ أَنْ تَقْتَرِبَ وَأَمَرَ تِلْكَ الْبَلْدَةَ أَنْ تَتَبَاعَدَ، هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِلَفْظِهِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما في قوله عز وجل: قُلْ يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ قد دعا الله تعالى إِلَى مَغْفِرَتِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ الله ومن زعم أن عزيزا ابْنُ اللَّهِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ يَدَ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِهَؤُلَاءِ: أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ثُمَّ دَعَا إِلَى تَوْبَتِهِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ قَوْلًا مِنْ هَؤُلَاءِ، مَنْ قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأعلى وَقَالَ: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي قال ابن عباس رضي الله تعالى عَنْهُمَا مَنْ آيَسَ عِبَادَ اللَّهِ مِنَ التَّوْبَةِ بعد هذا فقد جحد كتاب الله عز وجل، وَلَكِنْ لَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ أَنْ يَتُوبَ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ إِنَّ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] وَإِنَّ أَجْمَعَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ بِخَيْرٍ وَشَرٍّ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ [النَّحْلِ: ٩٠] وَإِنَّ أَكْثَرَ آيَةٍ فِي القرآن فرجا في سورة الزمر قُلْ يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَإِنَّ أَشَدَّ آية في كتاب الله وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطَّلَاقِ: ٢] فَقَالَ لَهُ مَسْرُوقٌ صَدَقْتَ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْكَنُودِ قَالَ مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ يعني ابن مسعود رضي الله عنه عَلَى قَاصٍّ وَهُوَ يَذَكِّرُ النَّاسَ فَقَالَ يَا مذكر لم تقنط الناس من رحمة الله؟ ثُمَّ قَرَأَ قُلْ يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ رواه ابن أبي حاتم رحمه الله.

[ذِكْرُ أَحَادِيثَ فِيهَا نَفْيُ الْقُنُوطِ]

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَخْشَنُ السَّدُوسِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مالك رضي الله تعالى عنه فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَمْلَأَ خَطَايَاكُمْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ثم استغفرتم الله تعالى لغفر لكم، والذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عز وجل بِقَوْمٍ يُخْطِئُونَ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» تفرد به أحمد.


(١) أخرجه البخاري في الأنبياء باب ٥٤، ومسلم في التوبة حديث ٤٦، ٤٧، وابن ماجة في الديات باب ٢، وأحمد في المسند ٣/ ٢٠، ٧٣.
(٢) المسند ٣/ ٢٣٨. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>