للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدأه بلا ممانع ولا مدافع.

﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ أي يغفر ذنب من تاب إليه وخضع لديه ولو كان الذنب من أي شيء كان، والودود قال ابن عباس وغيره: هو الحبيب ﴿ذُو الْعَرْشِ﴾ أي صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق، والمجيد فيه قراءتان: الرفع على أنه صفة للرب ﷿، والجر على أنه صفة للعرش وكلاهما معنى صحيح ﴿فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ أي مهما أراد فعله لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقهره وحكمته وعدله كما روينا عن أبي بكر الصديق أنه قيل له وهو في مرض الموت: هل نظر إليك الطبيب؟ قال: نعم. قالوا فما قال لك؟ قال:

قال لي إني فعال لما أريد.

وقوله تعالى: ﴿هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ﴾ أي هل بلغك ما أحل الله بهم من البأس وأنزل عليهم من النقمة التي لم يردها عنهم أحد؟ وهذا تقرير لقوله تعالى: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ أي إذا أخذ الظالم أخذه أخذا أليما شديدا أخذ عزيز مقتدر قال ابن أبي حاتم:

حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: مر النبي على امرأة تقرأ ﴿هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ﴾ فقام يستمع فقال: «نعم قد جاءني».

وقوله تعالى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ﴾ أي هم في شك وريب وكفر وعناد ﴿وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ أي هو قادر عليهم قاهر لا يفوتونه ولا يعجزونه ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾ أي عظيم كريم ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ أي هو في الملأ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل.

قال ابن جرير (١): حدثنا عمرو بن علي، حدثنا قرة بن سليمان، حدثنا حرب بن سريج، حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك في قوله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ قال: إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ في جبهة إسرافيل.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثنا معاوية بن صالح أن أبا الأعبس هو عبد الرّحمن بن سلمان قال: ما من شيء قضى الله: القرآن، فما قبله وما بعده إلا وهو في اللوح المحفوظ، واللوح المحفوظ بين عيني إسرافيل لا يؤذن له بالنظر فيه.

وقال الحسن البصري: إن هذا القرآن المجيد عند الله في لوح محفوظ ينزل منه ما يشاء على من يشاء من خلقه، وقد روى البغوي من طريق إسحاق بن بشر: أخبرني مقاتل وابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال: إن في صدر اللوح لا إله إلا الله وحده، دينه الإسلام


(١) تفسير الطبري ١٢/ ٥٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>