للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصاب دما حراما بلح» (١) وفي حديث آخر «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم»، وفي الحديث الآخر «ومن أعان على قتل المسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله».

وقد كان ابن عباس يرى أنه لا توبة لقاتل المؤمن عمدا، وقال البخاري (٢): حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا المغيرة بن النعمان، قال: سمعت ابن جبير قال: اختلف فيها أهل الكوفة، فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها، فقال: نزلت هذه الآية ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ هي آخر ما نزل، وما نسخها شيء، وكذا رواه هو أيضا ومسلم والنسائي من طرق عن شعبة به. ورواه أبو داود (٣) عن أحمد بن حنبل عن ابن مهدي، عن سفيان الثوري، عن مغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله ﴿مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ فقال: ما نسخها شيء. وقال ابن جرير (٤): حدثنا ابن بشار، حدثنا ابن عون، حدثنا شعبة عن سعيد بن جبير، قال: قال عبد الرحمن بن أبزا سئل ابن عباس عن قوله: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً﴾ الآية، قال: لم ينسخها شيء، وقال في هذه الآية ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ﴾ [الفرقان: ٦٨] إلى آخرها، قال: نزلت في أهل الشرك.

وقال ابن جرير (٥) أيضا حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير عن منصور، حدثني سعيد بن جبير أو حدثني الحكم عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس عن قوله: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ قال: إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام، ثم قتل مؤمنا متعمدا، فجزاؤه جهنم ولا توبة له، فذكرت ذلك لمجاهد فقال: إلا من ندم. حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا: حدثنا جرير عن يحيى الجابر عن سالم بن أبي الجعد، قال: كنا عند ابن عباس بعد ما كف بصره، فأتاه رجل فناداه: يا عبد الله بن عباس، ما ترى في رجل قتل مؤمنا متعمدا؟ فقال: جزاؤه جهنم خالدا فيها، وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. قال:

أفرأيت إن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال ابن عباس: ثكلته أمه وأنى له التوبة والهدى؟ والذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم يقول: «ثكلته أمه قاتل مؤمن متعمدا جاء يوم القيامة أخذه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه من قبل عرش الرحمن، يلزم قاتله بشماله وبيده الأخرى رأسه، يقول: يا رب، سل هذا فيم قتلني» وايم الذي نفس عبد الله بيده، لقد أنزلت هذه الآية


(١) سنن أبي داود (فتن باب ٦). والمعنق: خفيف الظهر سريع السير. والمراد: المسرع في طاعته. وبلّح (بتضعيف اللام وآخره حاء مهملة): أعيا وانقطع.
(٢) صحيح البخاري (تفسير سورة النساء باب ١٤)
(٣) سنن أبي داود (فتن باب ٦)
(٤) تفسير الطبري ٤/ ٢٢١.
(٥) تفسير الطبري ٤/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>