للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّيْلُ خَرَجَ النِّسَاءُ إِلَى الطُّرُقِ يَقْضِينَ حَاجَتَهُنَّ فَكَانَ أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ يَبْتَغُونَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ، فَإِذَا رأوا المرأة عليها جلباب قالوا هذه حرة فكفوا عَنْهَا، وَإِذَا رَأَوُا الْمَرْأَةَ لَيْسَ عَلَيْهَا جِلْبَابٌ قالوا هذه أمة فوثبوا عليها، وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَتَجَلْبَبْنَ فَيُعْلَمُ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُنَّ فَاسِقٌ بِأَذًى وَلَا رِيبَةٍ.

وَقَوْلُهُ تعالى: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً أَيْ لِمَا سَلَفَ فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُنَّ عِلْمٌ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُتَوَعِّدًا لِلْمُنَافِقِينَ وَهُمُ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قَالَ عِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ هُمُ الزُّنَاةُ هَاهُنَا وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ يَعْنِي الَّذِينَ يقولون جاء الأعداء وجاءت الْحُرُوبُ وَهُوَ كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ وَيَرْجِعُوا إِلَى الْحَقِّ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس أي لنسلطنك عليهم. وقال قتادة لنحشرنك بِهِمْ، وَقَالَ السُّدِّيُّ لَنُعْلِمَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجاوِرُونَكَ فِيها أَيْ فِي الْمَدِينَةِ إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ حَالٌ مِنْهُمْ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِمْ فِي المدينة مدة قريبة مطرودين مبعدين أَيْنَما ثُقِفُوا أَيْ وُجِدُوا أُخِذُوا لِذِلَّتِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ثم قال تعالى: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ أَيْ هَذِهِ سُنَّتُهُ فِي الْمُنَافِقِينَ إِذَا تَمَرَّدُوا عَلَى نِفَاقِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَلَمْ يَرْجِعُوا عَمَّا هُمْ فِيهِ أَنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ يُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ وَيَقْهَرُونَهُمْ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أَيْ وَسُنَّةُ اللَّهِ فِي ذَلِكَ لَا تُبَدَّلُ وَلَا تُغَيَّرُ.

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٦٣ الى ٦٨]

يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧)

رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨)

يقول تعالى مخبرا لرسوله صلوات الله وسلامه عليه أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِالسَّاعَةِ وَإِنْ سَأَلَهُ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَرْشَدَهُ أَنْ يَرُدَّ عِلْمَهَا إلى الله عز وجل كما قال الله تعالى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ وَهَذِهِ مَدَنِيَّةٌ فَاسْتَمَرَّ الْحَالُ فِي رَدِّ عِلْمِهَا إِلَى الَّذِي يُقِيمُهَا لَكِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ بِقَوْلِهِ: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً كَمَا قَالَ تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [الْقَمَرِ: ١] وَقَالَ:

اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: ١] وَقَالَ: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النَّحْلِ: ١] ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ أَيْ أبعدهم من رَحْمَتِهِ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً أَيْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ خالِدِينَ فِيها أَبَداً أَيْ مَاكِثِينَ مُسْتَمِرِّينَ فَلَا خُرُوجَ لَهُمْ مِنْهَا وَلَا زَوَالَ لَهُمْ عنها لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً أَيْ وَلَيْسَ لَهُمْ مُغِيثٌ وَلَا مُعِينٌ يُنْقِذُهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ.

ثُمَّ قَالَ: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا أَيْ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَتُلْوَى وُجُوهُهُمْ عَلَى جَهَنَّمَ يَقُولُونَ وَهُمْ كَذَلِكَ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>