للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه ابن جرير (١): حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن سعيد أو سعيد الثعلبي، الذي يقال له أبو سعد من أهل طرسوس، حدثنا أبو إسحاق الفزاري فذكره، وعندهم قال سفيان: فبلغني أنهم غلبوا يوم بدر.

[حديث آخر] قال سليمان بن مهران الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: قال عبد الله:

خمس قد مضين، الدخان، واللزام، والبطشة، والقمر، والروم (٢)، أخرجاه. وقال ابن جرير (٣): حدثنا ابن وكيع، حدثنا المحاربي عن داود بن أبي هند، عن عامر-هو الشعبي-عن عبد الله بن مسعود قال: كان فارس ظاهرا على الروم، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم. وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس، لأنهم أهل كتاب وهم أقرب إلى دينهم، فلما نزلت ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ قالوا: يا أبا بكر إن صاحبك يقول إن الروم تظهر على فارس في بضع سنين؟ قال: صدق. قالوا: هل لك أن نقامرك؟ فبايعوه على أربع قلائص إلى سبع سنين، فمضت السبع ولم يكن شيء، ففرح المشركون بذلك، وشق على المسلمين، فذكر ذلك للنبي فقال «ما بضع سنين عندكم؟» قالوا: دون العشر. قال «اذهب فزايدهم، وازدد سنتين في الأجل» قال: فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس، ففرح المؤمنون بذلك، وأنزل الله تعالى: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ -إلى قوله تعالى- ﴿لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ﴾.

[حديث آخر] قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أحمد بن عمر الوكيعي، حدثنا مؤمن عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال: لما نزلت ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ قال المشركون لأبي بكر: ألا ترى إلى ما يقول صاحبك يزعم أن الروم تغلب فارس؟ قال: صدق صاحبي. قالوا: هل لك أن نخاطرك؟ فجعل بينه وبينهم أجلا، فحل الأجل قبل أن تغلب الروم فارس، فبلغ ذلك النبي فساءه ذلك وكرهه، وقال لأبي بكر «ما دعاك إلى هذا؟» قال: تصديقا لله ولرسوله. قال «تعرض لهم وأعظم الخطر واجعله إلى بضع سنين» فأتاهم أبو بكر فقال لهم: هل لكم في العود، فإن العود أحمد؟ قالوا:

نعم، فلم تمض تلك السنون حتى غلبت الروم فارس، وربطوا خيولهم بالمدائن وبنوا الرومية، فجاء أبو بكر إلى النبي فقال: هذا السحت، قال «تصدق به» (٤).


(١) تفسير الطبري ١٠/ ١٦٣.
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٢٥، باب ٤، ومسلم في المنافقين حديث ٤١.
(٣) تفسير الطبري ١٠/ ١٦٥، ١٦٦.
(٤) أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>