للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِائَةَ سَنَةٍ- أَوْ قَالَ يَسْتَظِلُّ فِي ظِلِّ الْفَنَنِ مِنْهَا مِائَةُ رَاكِبٍ- فِيهَا فِرَاشُ الذَّهَبِ كأن ثمرها القلال» «١» . ورواه التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ بِهِ.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ، قَالَ حَمَّادٌ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَدْ رَفَعَهُ فِي قَوْلِهِ: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ وَفِي قَوْلِهِ: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ قَالَ:

جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ لِلْمُقَرَّبِينَ، وَجَنَّتَانِ مِنْ وَرِقٍ لِأَصْحَابِ اليمين.

فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ أَيْ تَسْرَحَانِ لِسَقْيِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَالْأَغْصَانِ فَتُثْمِرُ مِنْ جَمِيعِ الْأَلْوَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِحْدَاهُمَا يُقَالُ لَهَا تَسْنِيمٌ، وَالْأُخْرَى السَّلْسَبِيلُ. وَقَالَ عَطِيَّةُ: إِحْدَاهُمَا مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَالْأُخْرَى مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا: فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ أَيْ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ مِمَّا يَعْلَمُونَ وَخَيْرٍ مِمَّا يَعْلَمُونَ، وَمِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَا فِي الدُّنْيَا ثَمَرَةٌ حُلْوَةٌ وَلَا مُرَّةٌ إِلَّا وَهِيَ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى الحنظل، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا الْأَسْمَاءُ يَعْنِي أَنَّ بَيْنَ ذَلِكَ بَوْنًا عَظِيمًا وَفَرْقًا بَيِّنًا فِي التَّفَاضُلِ.

[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٥٤ الى ٦١]

مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦١)

يَقُولُ تَعَالَى: مُتَّكِئِينَ يَعْنِي أَهْلَ الْجَنَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالِاتِّكَاءِ هَاهُنَا الِاضْطِجَاعُ وَيُقَالُ:

الْجُلُوسُ عَلَى صِفَةِ التربيع عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وقَتَادَةُ وقال أبو عمران الجوني، هو الديباج المزين بِالذَّهَبِ، فَنَبَّهَ عَلَى شَرَفِ الظِّهَارَةِ بِشَرَفِ الْبِطَانَةِ، فهذا مِنَ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: هَذِهِ الْبَطَائِنُ، فَكَيْفَ لَوْ رَأَيْتُمُ الظَّوَاهِرَ «٢» . وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ:

بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَظَوَاهِرُهَا مِنْ نُورٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَوْ شَرِيكٌ: بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَظَوَاهِرُهَا مِنْ نُورٍ جَامِدٍ، وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَظَوَاهِرُهَا مِنَ الرَّحْمَةِ، وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ: ذَكَرَ اللَّهُ الْبَطَائِنَ وَلَمْ يَذْكُرِ الظَّوَاهِرَ، وَعَلَى الظَّوَاهِرِ الْمَحَابِسُ وَلَا يَعْلَمُ مَا تَحْتَ المحابس إلا الله تعالى، ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْإِمَامُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ


(١) أخرجه الترمذي في الجنة باب ٩.
(٢) انظر تفسير الطبري ١١/ ٦٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>