للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل مكة أو قبل أن يدخلها، فحمله بين يديه ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول الله ، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله إليهم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف. فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله . واحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان قد قتل، قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله قال حين بلغه أن عثمان قد قتل: «لا نبرح حتى نناجز القوم».

ودعا رسول الله الناس إلى البيعة، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فكان الناس يقولون: بايعهم رسول الله على الموت، وكان جابر بن عبد الله يقول: إن رسول الله لم يبايعهم على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفر، فبايع الناس ولم يتخلف أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة، فكان جابر يقول: والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته قد ضبأ (١) إليها يستتر بها من الناس، ثم أتى رسول الله أن الذي كان من أمر عثمان باطل (٢).

وذكر ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قريبا من هذا السياق، وزاد في سياقه أن قريشا بعثوا وعندهم عثمان ، سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص إلى رسول الله ، فبينما هم عندهم إذ وقع كلام بين بعض المسلمين وبعض المشركين، وتراموا بالنبل والحجارة وصاح الفريقان كلاهما، وارتهن كل من الفريقين من عنده من الرسل، ونادى منادي رسول الله : ألا إن روح القدس قد نزل على رسول الله وأمر بالبيعة، فأخرجوا على اسم الله تعالى فبايعوا، فسار المسلمون إلى رسول الله وهو تحت الشجرة فبايعوه على أن لا يفروا أبدا. فأرعب ذلك المشركين وأرسلوا من كان عندهم من المسلمين، ودعوا إلى الموادعة والصلح.

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا تمتام، حدثنا الحسن بن بشر، حدثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن أنس بن مالك عنه قال: لما أمر رسول الله ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول الله إلى أهل مكة، فبايع الناس فقال رسول الله : «اللهم إن عثمان في حاجة الله تعالى وحاجة رسوله» فضرب بإحدى يديه على الأخرى، فكانت يد رسول الله لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم. قال ابن هشام وحدثني من أثق به


(١) ضبأ إليها: أي استتر بها.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ٣١٥، ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>