للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنكال، ليس ذلك إلا عما أوحاه الله إلي، ولكن لا يجدي هذا عمن أعمى الله بصيرته وختم على سمعه وقلبه، ولهذا قال: ﴿وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ﴾ وقوله: ﴿وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ﴾ أي ولئن مس هؤلاء المكذبين أدنى شيء من عذاب الله ليعترفن بذنوبهم وأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدنيا. وقوله: ﴿وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً﴾ أي ونضع الموازين العدل ليوم القيامة، الأكثر على أنه إنما هو ميزان واحد، وإنما جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة فيه.

وقوله: ﴿فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ﴾ كما قال تعالى: ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ [الكهف: ٤٩] وقال: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ [النساء: ٤٠] وقال لقمان ﴿يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: ١٦] وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» (١).

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، حدثنا ابن المبارك عن ليث بن سعد بن عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله : «إن الله ﷿ يستخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا أظلمتك كتبتي الحافظون؟ قال: لا يا رب. قال: أفلك عذر أو حسنة؟ قال: فيبهت الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة واحدة لا ظلم عليك اليوم، فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فيقول أحضروه، فيقول يا رب في هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، قال: فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، قال: ولا يثقل شيء مع بسم الله الرحمن الرحيم» (٣) ورواه الترمذي وابن ماجة من حديث الليث بن سعد، وقال الترمذي: حسن غريب.

وقال الإمام أحمد (٤): حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله : «توضع


(١) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٥٨، ومسلم في الدعوات حديث ٣١.
(٢) المسند ٢/ ٢١٣.
(٣) أخرجه الترمذي في الإيمان باب ١٧، وابن ماجة في الزهد باب ٣٥.
(٤) المسند ٢/ ٢٢١، ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>