للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله أهل بدر نزلت هذه الآية ﴿وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ﴾.

وقال كثير النواء: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي فقلت: وليي وليكم، وسلمي سلمكم، وعدوي عدوكم، وحربي حربكم، أنا أسألك بالله أتبرأ من أبي بكر وعمر فقال: ﴿قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ تولهما يا كثير فما أدركك فهو في رقبتي هذه، ثم تلا هذه الآية ﴿إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ﴾ قال: أبو بكر وعمر وعلي أجمعين، وقال الثوري عن رجل عن أبي صالح في قوله: ﴿إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ﴾ قال: هم عشرة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة، والزبير وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الله بن مسعود أجمعين. وقوله: ﴿مُتَقابِلِينَ﴾ قال مجاهد: لا ينظر بعضهم في قفا بعض، وفيه حديث مرفوع.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني، حدثنا حسان بن حسان، حدثنا إبراهيم بن بشير، حدثنا يحيى بن معين عن إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل، عن زيد بن أبي أوفى قال: خرج علينا رسول الله فتلا هذه الآية ﴿إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ﴾ في الله ينظر بعضهم إلى بعض. وقوله: ﴿لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ﴾ يعني المشقة والأذى، كما جاء في الصحيحين «أن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب» (١).

وقوله: ﴿وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ﴾ كما جاء في الحديث «يقال يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تمرضوا أبدا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تقيموا فلا تظعنوا أبدا». وقال الله تعالى: ﴿خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً﴾ (٢) [الكهف: ١٠٨].

وقوله: ﴿نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ﴾ أي أخبر يا محمد عبادي أني ذو رحمة وذو عذاب أليم، وقد تقدم ذكر نظير هذه الآية الكريمة وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف، وذكر في سبب نزولها ما رواه موسى بن عبيدة عن مصعب بن ثابت قال: مر رسول الله على ناس من أصحابه يضحكون فقال «اذكروا الجنة واذكروا النار» فنزلت ﴿نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ﴾ رواه ابن أبي حاتم وهو مرسل.

وقال ابن جرير (٣): حدثني المثنى، حدثنا إسحاق، أخبرنا ابن المكي، أخبرنا ابن


(١) أخرجه البخاري في العمرة باب ١١، والتوحيد باب ٣٥، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ٧١، ٧٢.
(٢) أخرجه مسلم في الجنة حديث ٢٢.
(٣) تفسير الطبري ٧/ ٥٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>