غيره من الناس، سواء كان أبا أو ابنا كما قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [المدثر: ٣٨ - ٤٠] وقوله: ﴿وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمّا يَشْتَهُونَ﴾ أي وألحقناهم بفواكه ولحوم من أنواع شتى مما يستطاب ويشتهى.
وقوله: ﴿يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً﴾ أي يتعاطون فيها كأسا أي من الخمر، قاله الضحاك ﴿لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ﴾ أي لا يتكلمون فيها بكلام لاغ أي هذيان ولا إثم أي فحش كما يتكلم به الشربة من أهل الدنيا، وقال ابن عباس: اللغو الباطل والتأثيم الكذب، وقال مجاهد: لا يستبون ولا يؤثمون.
وقال قتادة: كان ذلك في الدنيا مع الشيطان فنزه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وأذاها، كما تقدم فنفى عنها صداع الرأس ووجع البطن وإزالة العقل بالكلية، وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيئ الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا، وأخبر بحسن منظرها وطيب طعمها ومخبرها فقال: ﴿بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ﴾ [الصافات: ٤٦ - ٤٧] وقال: ﴿لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ﴾ [الواقعة: ١٩] وقال هاهنا ﴿يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ﴾ إخبار عن خدمهم وحشمهم في الجنة، كأنهم اللؤلؤ الرطب المكنون في حسنهم وبهائهم ونظافتهم وحسن ملابسهم، كما قال تعالى: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ [الواقعة: ١٧ - ١٨].
وقوله تعالى: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ﴾ أي أقبلوا يتحادثون ويتساءلون عن أعمالهم وأحوالهم في الدنيا، وهذا كما يتحادث أهل الشراب على شرابهم إذا أخذ فيهم الشراب بما كان من أمرهم ﴿قالُوا إِنّا كُنّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ﴾ أي قد كنا في الدار الدنيا ونحن بين أهلنا خائفين من ربنا مشفقين من عذابه وعقابه ﴿فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ﴾ أي فتصدق علينا وأجارنا مما نخاف ﴿إِنّا كُنّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ﴾ أي نتضرع إليه فاستجاب لنا وأعطانا سؤلنا ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾.
وقد ورد في هذا المقام حديث رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده فقال: حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا سعيد بن دينار، حدثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا دخل أهل الجنة الجنة اشتاقوا إلى الإخوان، فيجيء سرير هذا حتى يحاذي سرير هذا فيتحدثان، فيتكئ هذا ويتكئ هذا فيتحدثان بما كان في الدنيا، فيقول أحدهما لصاحبه: يا فلان تدري أي يوم غفر الله لنا؟ يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله ﷿ فغفر لنا» ثم قال البزار: لا نعرفه يروى إلا بهذا الإسناد.
قلت: وسعيد بن دينار الدمشقي؟ قال أبو حاتم: هو مجهول وشيخه الربيع بن صبيح، قد تكلم فيه غير واحد من جهة حفظه وهو رجل صالح ثقة في نفسه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا