للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه؟ قال من هذا يا محمد؟ قال : «هذا ابن أبي قحافة «قال: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها، ولكن هذه بها.

ثم تناول لحية رسول الله والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله بالحديد، قال: فقرع يده ثم قال أمسك يدك عن لحية رسول الله قبل والله أن لا تصل إليك قال ويحك ما أفظك وأغلظك! فتبسم رسول الله قال: من هذا يا محمد؟ قال : «هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة» قال: أغدر، وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس؟ قال: فكلمه رسول الله بمثل ما كلم به أصحابه، وأخبره بأنه لم يأت يريد حربا. قال فقام من عند رسول الله ، وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ وضوءا إلا ابتدروه، ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه، فرجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش إني جئت كسرى في ملكه وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما، والله ما رأيت ملكا قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا فروا رأيكم.

قال: وقد كان رسول الله قبل ذلك بعث خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة، وحمله على جمل له يقال له الثعلب، فلما دخل مكة عقرت به قريش وأرادوا قتل خراش، فمنعتهم الأحابيش حتى أتى رسول الله ، فدعا عمر ليبعثه إلى مكة فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس بها من بني عدي أحد يمنعني. وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ولكن أدلك على رجل هو أعز مني بها عثمان بن عفان .

قال: فدعاه رسول الله ، فبعثه يخبرهم أنه لم يأت لحرب أحد، وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته، فخرج عثمان حتى أتى مكة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص، فنزل عن دابته وحمله بين يديه أردفه خلفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله ، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به، فقالوا لعثمان : إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به، فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله . قال: واحتبسته قريش عندها قال: وبلغ رسول الله أن عثمان قد قتل.

قال محمد: فحدثني الزهري أن قريشا بعثوا سهيل بن عمرو وقالوا: ائت محمدا فصالحه ولا تلن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فوالله لا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا، فأتاه سهيل بن عمرو فلما رآه رسول الله قال: «قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل». فلما انتهى إلى رسول الله ، تكلما وأطالا الكلام وتراجعا حتى جرى بينهما الصلح.

فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر بن الخطاب ، فأتى أبا بكر

<<  <  ج: ص:  >  >>