للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ﷿ هاهنا: ﴿كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ﴾ وهم بنو إسرائيل كما تقدم. وقوله : ﴿فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ﴾ أي لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله تعالى فيها فقدتهم، فلهذا استحقوا أن لا ينظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم. قال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده: حدثنا أحمد بن إسحاق البصري، حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا موسى بن عبيدة، حدثني يزيد الرقاشي حدثني أنس بن مالك عن النبي قال:

«ما من عبد إلا وله في السماء بابان: باب يخرج منه رزقه، وباب يدخل منه عمله وكلامه، فإذا مات فقداه وبكيا عليه». وتلا هذه الآية ﴿فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ﴾ وذكر أنهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملا صالحا يبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم، ورواه ابن أبي حاتم من حديث موسى بن عبيدة وهو الربذي.

وقال ابن جرير (١): حدثني يحيى بن طلحة، حدثني عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد الحضرمي قال: قال رسول الله : «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ. ألا لا غربة على مؤمن، ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض» ثم قرأ رسول الله ﴿فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ﴾ ثم قال: «إنهما لا يبكيان على الكافر».

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري، حدثنا العلاء بن صالح عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله قال: سأل رجل عليا هل تبكي السماء والأرض على أحد؟ فقال له: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، إنه ليس من عبد إلا له مصلى في الأرض ومصعد عمله من السماء. وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ولا عمل يصعد في السماء ثم قرأ علي ﴿فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ﴾.

وقال ابن جرير (٢): حدثنا أبو كريب حدثنا طلق بن غنام عن زائدة عن منصور عن منهال عن سعيد بن جبير قال: أتى ابن عباس رجل فقال: يا أبا العباس أرأيت قول الله تعالى: ﴿فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ﴾ فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟ قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه


(١) تفسير الطبري ١١/ ٢٣٨.
(٢) تفسير الطبري ١١/ ٢٣٧، ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>