للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمله وينزل منه رزقه ففقده بكى عليه، وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله ﷿ فيها بكت عليه، وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة ولم يكن يصعد إلى الله ﷿ منهم خير، فلم تبك عليهم السماء والأرض، وروى العوفي عن ابن عباس نحو هذا.

وقال سفيان الثوري عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس قال:

كان يقال تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحا، وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وغير واحد، وقال مجاهد أيضا: ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا، قال فقلت له: أتبكي الأرض؟ فقال: أتعجب وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود؟ وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل؟ وقال قتادة: كانوا أهون على الله ﷿ من أن تبكي عليهم السماء والأرض. وقال ابن أبي حاتم:

حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عبد السلام بن عاصم، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا المستورد بن سابق عن عبيد المكتب عن إبراهيم قال: ما بكت السماء منذ كانت الدنيا إلا على اثنين، قلت لعبيد: أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن؟ قال: ذاك مقامه حيث يصعد عمله. قال: وتدري ما بكاء السماء! قلت: لا. قال: تحمر وتصير وردة كالدهان، إن يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما وإن الحسين بن علي لما قتل احمرت السماء.

وحدثنا علي بن الحسين، حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو زنيج، حدثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد قال: لما قتل الحسين بن علي احمرت آفاق السماء أربعة أشهر، قال يزيد: واحمرارها بكاؤها، وهكذا قال السدي في الكبير، وقال عطاء الخراساني: بكاؤها أن تحمر أطرافها وذكروا أيضا في مقتل الحسين أنه ما قلب حجر يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط، وأنه كسفت الشمس واحمر الأفق وسقطت حجارة، وفي كل ذلك نظر، والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا الأمر ولا شك أنه عظيم، ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسين ولم يقع شيء مما ذكروه، فإنه قد قتل أبوه علي بن أبي طالب وهو أفضل منه بالإجماع، ولم يقع شيء من ذلك، وعثمان بن عفان قتل محصورا مظلوما ولم يكن شيء من ذلك.

وعمر بن الخطاب قتل في المحراب في صلاة الصبح، وكأن المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ولم يكن شيء من ذلك.

وهذا رسول الله ، وهو سيد البشر في الدنيا والآخرة، يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه. ويوم مات إبراهيم ابن النبي خسفت الشمس فقال الناس: خسفت لموت إبراهيم! فصلى بهم رسول الله صلاة الكسوف وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر لا ينخسفان

<<  <  ج: ص:  >  >>