للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينكم بالباطل ﴿إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ أي فيما أمركم به ونهاكم عنه. وقال الإمام أحمد (١):

حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص أنه قال لما بعثه النبي ، عام ذات السلاسل، قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله ، ذكرت ذلك له، فقال «يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب» قال: قلت: يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فذكرت قول الله ﷿ ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله ولم يقل شيئا، وهكذا رواه أبو داود من حديث يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب به، ورواه أيضا عن محمد بن أبي سلمة، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة وعمر بن الحارث، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير المصري، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عنه، فذكر نحوه، وهذا-والله أعلم-أشبه بالصواب.

وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حامد البلخي، حدثنا محمد بن صالح بن سهل البلخي، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا يوسف بن خالد، حدثنا زياد بن سعد عن عكرمة، عن ابن عباس أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جنب، فلما قدموا على رسول الله ذكروا ذلك له فدعاه فسأله عن ذلك، فقال:

يا رسول الله، خفت أن يقتلني البرد، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية، فسكت عنه رسول الله ، ثم أورد ابن مردويه عند هذه الآية الكريمة من حديث الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله «من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده، يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تردّى من جبل فقتل نفسه، فهو مترد في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا» (٢) وهذا الحديث ثابت في الصحيحين، وكذلك رواه أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي بنحوه، وعن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك ، قال: قال رسول الله «من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة» (٣) وقد أخرجه الجماعة في كتبهم من طريق أبي قلابة.

وفي الصحيحين من حديث الحسن عن جندب بن عبد الله البجلي، قال: قال رسول الله «كان رجل ممن كان قبلكم وكان به جرح فأخذ سكينا نحر بها يده، فما رقأ


(١) مسند أحمد ٣/ ٢٠٣ - ٢٠٤.
(٢) سنن النسائي (جنائز باب ٦٨) ومسند أحمد ٢/ ٢٥٤.
(٣) مسند أحمد ٤/ ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>