للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس، قال: قال رسول الله : «رغبت لكم عن غسالة الأيدي، لأن لكم من خمس الخمس ما يغنيكم أو يكفيكم» (١)، هذا حديث حسن الإسناد، وإبراهيم بن مهدي هذا وثقه أبو حاتم، وقال يحيى بن معين: يأتي بمناكير، والله أعلم.

وقوله ﴿وَالْيَتامى﴾ أي أيتام المسلمين، واختلف العلماء هل يختص بالأيتام الفقراء، أو يعم الأغنياء والفقراء؟ على قولين، والمساكين هم المحاويج الذين لا يجدون ما يسد خلتهم ومسكنتهم، ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ هو المسافر أو المريد للسفر إلى مسافة تقصر فيها الصلاة، وليس له ما ينفقه في سفره ذلك، وسيأتي تفسير ذلك في آية الصدقات من سورة براءة إن شاء الله تعالى، وبه الثقة وعليه التكلان.

وقوله ﴿إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا﴾ أي امتثلوا ما شرعنا لكم من الخمس في الغنائم، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وما أنزل على رسوله، ولهذا جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس في حديث وفد عبد القيس، أن رسول الله قال لهم: «وآمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع. آمركم بالإيمان بالله-ثم قال-هل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا الخمس من المغنم» (٢)، الحديث بطوله، فجعل أداء الخمس من جملة الإيمان، وقد بوب البخاري على ذلك في كتاب الإيمان من صحيحه، فقال: [باب أداء الخمس من الإيمان] ثم أورد حديث ابن عباس هذا، وقد بسطنا الكلام عليه في شرح البخاري، ولله الحمد والمنة.

وقال مقاتل بن حيان: ﴿وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ﴾ أي في القسمة، وقوله ﴿يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، ينبه تعالى على نعمته وإحسانه إلى خلقه، بما فرق به بين الحق والباطل ببدر، ويسمى الفرقان، لأن الله أعلى فيه كلمة الإيمان على كلمة الباطل وأظهر دينه ونصر نبيه وحزبه، قال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس: يوم الفرقان يوم بدر، فرق الله فيه بين الحق والباطل، رواه الحاكم، وكذا قال مجاهد ومقسم وعبيد الله بن عبد الله والضحاك وقتادة ومقاتل بن حيان وغير واحد أنه يوم بدر.

وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير في قوله ﴿يَوْمَ الْفُرْقانِ﴾ يوم فرق الله بين الحق والباطل، وهو يوم بدر، وهو أول مشهد شهده رسول الله ، وكان رأس المشركين عتبة بن ربيعة، فالتقوا يوم الجمعة لتسع عشرة أو سبع عشرة مضت من رمضان، وأصحاب رسول الله يومئذ ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، والمشركون ما بين الألف


(١) أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٣٧.
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان باب ٤٠، ومسلم في الإيمان حديث ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>