للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعملون ثم لَمْ يُغَيِّرُوهُ إِلَّا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ» ، ثُمَّ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَعَنْ أَسْوَدَ عَنْ شَرِيكٍ وَيُونُسَ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ بِهِ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ «١» عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ وَكِيعٍ به، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَامِعُ بن أبي راشد عن منذر عن الحسن بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ عَائِشَةَ تَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا ظَهَرَ السُّوءُ فِي الْأَرْضِ أَنْزَلَ اللَّهُ بِأَهْلِ الأرض بأسه» فقلت وَفِيهِمْ أَهْلُ طَاعَةِ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ ثُمَّ يصيرون إلى رحمة الله» .

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٢٦]]

وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦)

يُنَبِّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ، وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، حَيْثُ كَانُوا قَلِيلِينَ فَكَثَّرَهُمْ وَمُسْتَضْعَفِينَ خَائِفِينَ فَقَوَّاهُمْ وَنَصَرَهُمْ، وَفُقَرَاءَ عَالَةً فَرَزَقَهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاسْتَشْكَرَهُمْ، فَأَطَاعُوهُ وَامْتَثَلُوا جَمِيعَ مَا أَمَرَهُمْ. وَهَذَا كَانَ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ حَالَ مُقَامِهِمْ بِمَكَّةَ قَلِيلِينَ مُسْتَخْفِينَ مضطهدين يَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَهُمُ النَّاسُ مِنْ سَائِرِ بِلَادِ اللَّهِ مِنْ مُشْرِكٍ وَمَجُوسِيٍّ وَرُومِيٍّ، كُلُّهُمْ أَعْدَاءٌ لَهُمْ لِقِلَّتِهِمْ وَعَدَمِ قُوَّتِهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبُهُمْ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَآوَاهُمْ إِلَيْهَا وَقَيَّضَ لَهُمْ أَهْلَهَا آووا ونصروا يوم بدر وغيره، وواسوا بِأَمْوَالِهِمْ وَبَذَلُوا مُهَجَهُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رسوله صلى الله عليه وسلم.

قَالَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ السَّدُوسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ، قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْعَرَبِ أَذَلَّ النَّاسِ ذُلًّا، وَأَشْقَاهُ عَيْشًا، وأجوعه بطونا، وأعراه جلودا وأبينه ضلالا، مَنْ عَاشَ مِنْهُمْ عَاشَ شَقِيًّا، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رُدِّيَ فِي النَّارِ يُؤْكَلُونَ وَلَا يَأْكُلُونَ، وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ قَبِيلًا مِنْ حَاضِرِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ كَانُوا أَشَرَّ مَنْزِلًا مِنْهُمْ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَمَكَّنَ بِهِ فِي الْبِلَادِ وَوَسَّعَ بِهِ فِي الرِّزْقِ وَجَعَلَهُمْ بِهِ مُلُوكًا عَلَى رِقَابِ النَّاسِ وَبِالْإِسْلَامِ أَعْطَى اللَّهُ مَا رأيتم فاشكروا الله على نِعَمَهُ فَإِنَّ رَبَّكُمْ مُنْعِمٌ يُحِبُّ الشُّكْرَ، وَأَهْلُ الشكر في مزيد من الله.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨)

قال عبد الرزاق بْنُ أَبِي قَتَادَةَ والزُّهْرِيُّ: أُنْزِلَتْ فِي أَبِي لبابة بن عبد المنذر حين بعثه


(١) كتاب الفتن باب ٢٠.
(٢) المسند ٦/ ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>