للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشاعر: [الطويل] وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما … يظنّان كل الظنّ أن لا تلاقيا (١)

وقوله تعالى: ﴿وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أي يغفر للكافرين كفرهم إذا تابوا منه وأنابوا إلى ربهم وأسلموا له، وهو الغفور الرّحيم بكل من تاب إليه من أي ذنب كان.

وقد قال مقاتل بن حيان: إن هذه الآية نزلت في أبي سفيان صخر بن حرب، فإن رسول الله تزوج ابنته، فكانت هذه مودة ما بينه وبينه، وفي هذا الذي قاله مقاتل نظر، فإن رسول الله تزوج بأم حبيبة بنت أبي سفيان قبل الفتح، وأبو سفيان إنما أسلم ليلة الفتح بلا خلاف، وأحسن من هذا ما رواه ابن أبي حاتم حيث قال: قرئ على محمد بن عزيز، حدثني سلامة، حدثني عقيل، حدثني ابن شهاب أن رسول الله استعمل أبا سفيان صخر بن حرب على بعض اليمن، فلما قبض رسول الله أقبل فلقي ذا الخمار مرتدا فقاتله، فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين، قال ابن شهاب: وهو ممن أنزل الله فيه ﴿عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ الآية. وفي صحيح مسلم (٢) عن ابن عباس أن أبا سفيان قال: يا رسول الله ثلاث أعطنيهن قال: «نعم» قال: تأمرني أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، قال: «نعم» قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال:

«نعم» قال: وعندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها-الحديث-وقد تقدم الكلام عليه.

وقوله تعالى: ﴿لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ﴾ أي يعاونوا على إخراجكم أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم ﴿أَنْ تَبَرُّوهُمْ﴾ أي تحسنوا إليهم ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ أي تعدلوا ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي فقلت يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ قال: «نعم صلي أمك» (٣) أخرجاه.


(١) البيت للمجنون في ديوانه ص ٢٤٣، وشرح التصريح ١/ ٣٢٨، والمقاصد النحوية ٣/ ٤٢، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٢١٣، والخصائص ٢/ ٤٤٨، وشرح الأشموني ١/ ٢١٠، ولسان العرب (شتت)
(٢) كتاب فضائل الصحابة حديث ١٦٨.
(٣) أخرجه البخاري في الهبة باب ٢٩، والجزية باب ١٨، والأدب باب ٨، ومسلم في الزكاة حديث ٥٠، وأبو داود في الزكاة باب ٣٤، وأحمد في المسند ٦/ ٣٤٤، ٣٤٧، ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>