عن عبد الله بن بريدة أن عائشة قالت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر فما أدعو؟ قال:
«قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»(١) وقد رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من طريق كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وهذا لفظ الترمذي ثم قال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه الحاكم في مستدركه وقال هذا صحيح على شرط الشيخين، ورواه النسائي أيضا من طريق سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال:«قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
[ذكر أثر غريب ونبأ عجيب يتعلق بليلة القدر] رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم عند تفسير هذه السورة الكريمة فقال: حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني، حدثنا سيار بن حاتم حدثنا موسى بن سعيد يعني الراسبي عن هلال بن أبي جبلة، عن أبي عبد السّلام عن أبيه عن كعب أنه قال: إن سدرة المنتهى على حد السماء السابعة مما يلي الجنة فهي على حد هواء الدنيا وهواء الآخرة، علوها في الجنة وعروقها وأغصانها من تحت الكرسي، فيها ملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله ﷿، يعبدون الله ﷿ على أغصانها في كل موضع شعرة منها ملك ومقام جبريل ﵇ في وسطها فينادي الله جبريل أن ينزل في كل ليلة القدر مع الملائكة الذين يسكنون سدرة المنتهى وليس فيهم ملك إلا قد أعطي الرأفة والرحمة للمؤمنين.
فينزلون مع جبريل في ليلة القدر حين تغرب الشمس، فلا تبقى بقعة في ليلة القدر إلا وعليها ملك إما ساجد وإما قائم يدعو للمؤمنين والمؤمنات، إلا أن تكون كنيسة أو بيعة أو بيت نار أو وثن أو بعض أماكنكم التي تطرحون فيها الخبث، أو بيت فيه سكران أو بيت فيه مسكر أو بيت فيه وثن منصوب، أو بيت فيه جرس معلق أو مبولة أو مكان فيه كساحة البيت، فلا يزالون ليلتهم تلك يدعون للمؤمنين والمؤمنات وجبريل لا يدع أحدا من المؤمنين إلا صافحه، وعلامة ذلك من اقشعر جلده ورق قلبه ودمعت عيناه فإن ذلك من مصافحة جبريل.
وذكر كعب أن من قال في ليلة القدر: لا إله إلا الله ثلاث مرات غفر الله له بواحدة ونجاه من النار بواحدة وأدخله الجنة بواحدة، فقلنا لكعب الأحبار يا أبا إسحاق صادقا، فقال كعب الأحبار: وهل يقول لا إله إلا الله في ليلة القدر إلا كل صادق؟ والذي نفسي بيده إن ليلة القدر لتثقل على الكافر والمنافق حتى كأنها على ظهره جبل، فلا تزال الملائكة هكذا حتى يطلع الفجر، فأول من يصعد جبريل حتى يكون في وجه الأفق الأعلى من الشمس فيبسط جناحيه وله جناحان أخضران لا ينشرهما إلا في تلك الساعة، فتصير الشمس لا شعاع لها ثم يدعو ملكا
(١) أخرجه الترمذي في الدعوات باب ٨٤، وابن ماجة في الدعاء باب ٥.