الناس، فلما حضرت الصلاة، صلى رسول الله ﷺ صلاة الخوف، فكان الناس طائفتين: طائفة بإزاء العدو، وطائفة صلوا مع رسول الله ﷺ، فصلى بالطائفة الذين معه ركعتين وانصرفوا، فكانوا مكان الطائفة الذين كانوا بإزاء العدو، ثم انصرف الذين كانوا بإزاء العدو فصلوا مع رسول الله ﷺ ركعتين، فكان لرسول الله ﷺ أربع ركعات، وللقوم ركعتين ركعتين، تفرد به من هذا الوجه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم، حدثنا المسعودي عن يزيد الفقير، قال: سألت جابر بن عبد الله عن الركعتين في السفر أقصرهما؟ فقال: الركعتان في السفر تمام، إنما القصر واحدة عند القتال، بينما نحن مع رسول الله ﷺ في قتال، إذ أقيمت الصلاة، فقام رسول الله ﷺ فصف طائفة، وطائفة وجهها قبل العدو، فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين، ثم الذين خلفوا انطلقوا إلى أولئك فقاموا مقامهم ومكانهم نحو ذا، وجاء أولئك فقاموا خلف رسول الله ﷺ فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين، ثم إن رسول الله ﷺ جلس وسلم، وسلم الذين خلفه، وسلم أولئك، فكانت لرسول الله ﷺ ركعتين، وللقوم ركعة ركعة، ثم قرأ ﴿وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ﴾ الآية.
وقال الإمام أحمد (١): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن الحكم، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ، صلى بهم صلاة الخوف، فقام صف بين يديه وصف خلفه، فصلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين، ثم تقدم هؤلاء حتى قاموا في مقام أصحابهم، وجاء أولئك حتى قاموا في مقام هؤلاء، فصلى بهم رسول الله ﷺ ركعة وسجدتين ثم سلم، فكانت للنبي ﷺ ركعتين، ولهم ركعة، ورواه النسائي من حديث شعبة، ولهذا الحديث طرق عن جابر، وهو في صحيح مسلم من وجه آخر بلفظ آخر، وقد رواه عن جابر جماعة كثيرون في الصحيح والسنن والمسانيد.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا معمر عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: ﴿وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ﴾ قال: هي صلاة الخوف، صلى رسول الله ﷺ بإحدى الطائفتين ركعة، والطائفة الأخرى مقبلة على العدو، وأقبلت الطائفة الأخرى التي كانت مقبلة على العدو فصلى بهم رسول الله ﷺ ركعة أخرى ثم سلم بهم، ثم قامت كل طائفة منهم فصلت ركعة ركعة، وهذا الحديث رواه الجماعة في كتبهم من طريق معمر به، ولهذا الحديث طرق كثيرة عن الجماعة من الصحابة، وقد أجاد الحافظ أبو بكر بن مردويه في سرد طرقه وألفاظه، وكذا ابن جرير، ولنحرره في كتاب الأحكام الكبير، إن شاء الله وبه الثقة.