قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عبيد الله، حدثنا ابن جابر هو محمد عن عبد الملك يعني ابن عمير قال: قال عروة بن مسعود الثقفي ﵁ للنبي ﷺ: ابعثني إلى قومي أدعوهم إلى الإسلام، فقال رسول الله ﷺ:«إني أخاف أن يقتلوك» فقال: لو وجدوني نائما ما أيقظوني، فقال له رسول الله ﷺ:«انطلق» فانطلق، فمر على اللات والعزى، فقال: لأصبحنك غدا بما يسوؤك، فغضبت ثقيف، فقال: يا معشر ثقيف إن اللات لا لات وإن العزى لا عزى، أسلموا تسلموا، يا معشر الأحلاف إن العزى لا عزى وإن اللات لا لات، أسلموا تسلموا، قال ذلك ثلاث مرات، فرماه رجل فأصاب أكحله فقتله، فبلغ رسول الله ﷺ فقال:«هذا مثله كمثل صاحب يس» ﴿قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾.
وقال محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم أنه حدث عن كعب الأحبار، أنه ذكر له حبيب بن زيد بن عاصم أخو بني مازن بن النجار الذي كان مسيلمة الكذاب قطعه باليمامة حين جعل يسأله عن رسول الله ﷺ، فجعل يقول له: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ فيقول: نعم، ثم يقول: أتشهد أني رسول الله؟ فيقول: لا أسمع، فيقول له مسيلمة لعنه الله: أتسمع هذا، ولا تسمع ذاك؟ فيقول: نعم، فجعل يقطعه عضوا عضوا كلما سأله لم يزده على ذلك حتى مات في يديه، فقال كعب حين قيل له اسمه حبيب: وكان والله صاحب يس اسمه حبيب.
وقوله ﵎: ﴿وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنّا مُنْزِلِينَ﴾ يخبر تعالى أنه انتقم من قومه بعد قتلهم إياه غضبا منه ﵎ عليهم، لأنهم كذبوا رسله وقتلوا وليه، ويذكر ﷿ أنه ما أنزل عليهم وما احتاج في إهلاكه إياهم إلى إنزال جند من الملائكة عليهم، بل الأمر كان أيسر من ذلك. قاله ابن مسعود فيما رواه ابن إسحاق عن بعض أصحابه عنه أنه قال في قوله تعالى: ﴿وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنّا مُنْزِلِينَ﴾ أي ما كاثرناهم بالجموع، الأمر كان أيسر علينا من ذلك ﴿إِنْ كانَتْ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ﴾ قال: فأهلك الله تعالى ذلك الملك الجبار، وأهلك أهل أنطاكية، فبادوا عن وجه الأرض فلم يبق منهم باقية (١).
وقيل ﴿وَما كُنّا مُنْزِلِينَ﴾ أي وما كنا ننزل الملائكة على الأمم إذا أهلكناهم بل نبعث عليهم عذابا يدمرهم، وقيل المعنى في قوله تعالى: ﴿وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ﴾ أي من رسالة أخرى إليهم، قاله مجاهد وقتادة. قال قتادة: فلا والله ما عاتب الله قومه