للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك أنزل الكتب والصحف على الأنبياء قبلك. وقوله تعالى: ﴿اللهُ الْعَزِيزُ﴾ أي في انتقامه ﴿الْحَكِيمُ﴾ في أقواله وأفعاله.

قال الإمام مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: إن الحارث بن هشام سأل رسول الله فقال: يا رسول كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله : «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا يأتيني الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول» قالت عائشة فلقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا (١).

أخرجاه في الصحيحين ولفظه للبخاري.

وقد رواه الطبراني عن عبد الله ابن الإمام أحمد عن أبيه عن عامر بن صالح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحارث بن هشام أنه سأل رسول الله كيف ينزل عليك الوحي؟ فقال : «في مثل صلصلة الجرس فيفصم عني وقد وعيت ما قاله-وقال- وهو أشده علي-قال-وأحيانا يأتيني الملك فيتمثل لي فيكلمني فأعي ما يقول» (٢). وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن عبد الله بن عمرو قال: سألت رسول الله فقلت: يا رسول الله هل تحس بالوحي؟ فقال رسول الله : «أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تقبض» تفرد به أحمد، وقد ذكرنا كيفية إتيان الوحي إلى رسول الله في أول شرح البخاري بما أغنى عن إعادته هاهنا ولله الحمد والمنة.

وقوله : ﴿لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ أي الجميع عبيد له وملك له تحت قهره وتصريفه ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ كقوله تعالى: ﴿الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ﴾ [الرعد: ٩] ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سبأ: ٢٣] والآيات في هذا كثيرة.

وقوله ﷿: ﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ﴾ قال ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وكعب الأحبار أي فرقا من العظيمة (٤) ﴿وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ كقوله جل وعلا: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً﴾ [غافر: ٧] وقوله : ﴿أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ إعلام بذلك وتنويه به، وقوله


(١) أخرجه البخاري في بدء الوحي باب ٢، والترمذي في المناقب باب ٧، والنسائي في الافتتاح باب ٣٧، ومالك في القرآن حديث ٧، وأحمد في المسند ٦/ ٢٥٧.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٦/ ١٥٨.
(٣) المسند ٢/ ٢٢٢.
(٤) انظر تفسير الطبري ١١/ ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>