للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً﴾ أي زعاقا مرا لا يصلح لشرب ولا زرع ﴿فَلَوْلا تَشْكُرُونَ﴾ أي فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذبا زلالا ﴿لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ١٠ - ١١].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عثمان بن سعيد بن مرة، حدثنا فضيل بن مرزوق عن جابر عن أبي جعفر عن النبي أنه كان إذا شرب الماء قال: «الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا» ثم قال: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾ أي تقدحون من الزناد وتستخرجونها من أصلها ﴿أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ﴾ أي بل نحن الذين جعلناها مودعة في موضعها. وللعرب شجرتان [إحداهما] المرخ، [والأخرى] العفار، إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالآخر تناثر من بينهما شرر النار.

وقوله تعالى: ﴿نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً﴾ قال مجاهد وقتادة: أي تذكر النار الكبرى، قال قتادة: ذكر لنا أن رسول الله قال: «يا قوم ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم» قالوا: يا رسول الله إن كانت لكافية. قال: «إنها قد ضربت بالماء ضربتين-أو مرتين-حتى يستنفع بها بنو آدم ويدنوا منها» وهذا الذي أرسله قتادة قد رواه الإمام أحمد (١) في مسنده فقال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي قال: «إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم وضربت بالبحر مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد» وقال الإمام مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم» فقالوا: يا رسول الله إن كانت لكافية، فقال: «إنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا» (٢) رواه البخاري من حديث مالك ومسلم من حديث أبي الزناد ورواه مسلم من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة به وفي لفظ «والذي نفسي بيده لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها» (٣).

وقد قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عمرو الخلال، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا معن بن عيسى القزار عن مالك عن عمه أبي سهل عن أبيه عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله «أتدرون ما مثل ناركم هذه من نار جهنم؟ لهي أشد سوادا من ناركم هذه بسبعين ضعفا» قال الضياء المقدسي وقد رواه أبو مصعب عن مالك ولم يرفعه وهو عندي على


(١) المسند ٢/ ٢٤٤.
(٢) أخرجه الترمذي في جهنم باب ٧، ومالك في جهنم حديث ٥١، والبخاري في بدء الخلق ١٠، ومسلم في الجنة حديث ٣٠.
(٣) أخرجه مسلم في الجنة حديث ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>