للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحلف فأنزل الله ﴿يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا﴾ الآية (١).

وقال محمد بن إسحاق: كان الذي قال تلك المقالة فيما بلغني الجلاس بن سويد بن الصامت فرفعها عليه رجل كان في حجره يقال له عمير بن سعد فأنكرها فحلف بالله ما قالها، فلما نزل فيه القرآن تاب ونزع وحسنت توبته فيما بلغني (٢)، وقال الإمام أبو جعفر بن جرير (٣):

حدثني أيوب بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول الله جالسا في ظل شجرة فقال: «إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم-بعيني الشيطان-فإذا جاء فلا تكلموه» فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق فدعاه رسول الله فقال: «علام تشتمني أنت وأصحابك؟» فانطلق الرجل فجاءه بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم، فأنزل الله ﷿ ﴿يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا﴾ الآية.

وقوله ﴿وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا﴾ قيل أنزلت في الجلاس بن سويد وذلك أنه هم بقتل ابن امرأته حين قال لأخبرن رسول الله ، وقيل في عبد الله بن أبي، هم بقتل رسول الله ، وقال السدي: نزلت في أناس أرادوا أن يتوجوا عبد الله بن أبي وإن لم يرض رسول الله وقد ورد أن نفرا من المنافقين هموا بالفتك بالنبي وهو في غزوة تبوك، في بعض تلك الليالي في حال السير، وكانوا بضعة عشر رجلا، قال الضحاك: ففيهم نزلت هذه الآية.

وذلك بين فيما رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة من حديث محمد بن إسحاق عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة بن اليمان قال: كنت آخذا بخطام ناقة رسول الله أقود به وعمار يسوق الناقة أو أنا أسوقه وعمار يقوده حتى إذا كنا بالعقبة فإذا أنا باثني عشر راكبا قد اعترضوه فيها، قال فأنبهت رسول الله بهم، فصرخ بهم فولوا مدبرين فقال لنا رسول الله : «هل عرفتم القوم؟» قلنا: لا يا رسول الله قد كانوا متلثمين ولكنا قد عرفنا الركاب قال: «هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة وهل تدرون ما أرادوا؟» قلنا: لا، قال: «أرادوا أن يزاحموا رسول الله في العقبة فيلقوه منها» قلنا:

يا رسول الله أفلا تبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم؟ قال: «لا، أكره أن تتحدث العرب بينها أن محمدا قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم-ثم قال-اللهم ارمهم بالدبيلة» قلنا: يا رسول الله وما الدبيلة؟ قال: «شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك.

وقال الإمام أحمد (٤) : حدثنا يزيد أخبرنا الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي


(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ٤٢١.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٤٢١.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٤٢٢.
(٤) المسند ٥/ ٤٥٣، ٤٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>