للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله يأمره بالصبر ويقول له: «إن الله سيجعل لك فرجا» فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا أن انفلت ابنه من أيدي العدو، فمر بغنم من أغنام العدو فاستاقها فجاء بها إلى أبيه وجاء معه بغنى قد أصابه من المغنم، فنزلت فيه هذه الآية ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ رواه ابن جرير (١): وروي أيضا من طريق سالم بن أبي الجعد مرسلا نحوه.

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان قال: قال رسول الله : «إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر» (٣) ورواه النسائي وابن ماجة من حديث سفيان وهو الثوري به.

وقال محمد بن إسحاق: جاء مالك الأشجعي إلى رسول الله فقال له أسر ابني عوف فقال له رسول الله : «أرسل إليه أن رسول الله يأمر أن تكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله» وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد عنه، فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها وأقبل، فإذا بسرح القوم الذين كانوا قد شدوه فصاح بهم، فاتبع أولها آخرها فلم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب فقال أبوه: عوف ورب الكعبة، فقالت: أمه: وا سوأتاه! وعوف كيف يقدم لما هو فيه من القد، فاستبقا الباب والخادم فإذا عوف قد ملأ الفناء إبلا، فقص على أبيه أمره وأمر الإبل فقال أبوه:

قفا حتى آتي رسول الله فأسأله عنها، فأتى رسول الله فأخبره بخبر عوف وخبر الإبل، فقال له رسول الله : «اصنع بها ما أحببت وما كنت صانعا بمالك» ونزل: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ رواه ابن أبي حاتم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا إبراهيم بن الأشعث، حدثنا الفضيل بن عياض عن هشام بن الحسن عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله : «من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤنة ورزقه من حيث لا يحتسب ومن انقطع إلى الدنيا وكله إليها».

وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ قال الإمام أحمد (٤): حدثنا يونس، حدثنا ليث، حدثنا قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني، عن عبد الله بن عباس أنه حدثه أنه ركب خلف رسول الله يوما، فقال له رسول الله : «يا غلام إني معلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن


(١) تفسير الطبري ١٢/ ١٣٠.
(٢) المسند ٥/ ٢٧٧، ٢٨٠، ٢٨٢.
(٣) أخرجه ابن ماجة في الفتن باب ٢٢.
(٤) المسند ١/ ٢٩٣، ٣٠٣، ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>