للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ [المائدة: ٤٤] والإنجيل إنما أنزل مُتَمِّمًا لِلتَّوْرَاةِ، وَمُحِلًّا لِبَعْضِ مَا حُرِّمَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:

قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَيْ فِيمَا تُدَافِعُونَ بِهِ الْحَقَّ وَتُعَارِضُونَ بِهِ مِنَ الْبَاطِلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوكَ عَمَّا قُلْتَ لَهُمْ، وَلَمْ يَتَّبِعُوا الْحَقَّ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ أَيْ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا حُجَّةٍ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ أَيْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ مَأْخُوذَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.

وقوله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ قَالَ مُجَاهِدٌ: فَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ:

بَيَّنَّا لَهُمُ الْقَوْلَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: يَقُولُ تَعَالَى: أَخْبَرَهُمْ كَيْفَ صُنِعَ بِمَنْ مَضَى، وَكَيْفَ هُوَ صَانِعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ وَصَّلْنا لَهُمُ يَعْنِي قُرَيْشًا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، لَكِنْ قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ عَنْ رِفَاعَةَ، رِفَاعَةُ هَذَا هُوَ ابْنُ قَرَظَةَ الْقُرَظِيُّ، وَجَعَلَهُ ابْنُ مَنْدَهْ: رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْأَلٍ خَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَهُوَ الَّذِي طَلَّقَ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ بَاطَا، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ- قَالَ: نَزَلَتْ وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ فِي عَشَرَةٍ أَنَا أَحَدُهُمْ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حديثه.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٥٢ الى ٥٥]

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥)

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْعُلَمَاءِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [البقرة: ١٢١] وَقَالَ تَعَالَى: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ [آل عمران: ١٩٩] وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا [الْإِسْرَاءِ: ١٠٧- ١٠٨] وقال تعالى: وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى - إلى قوله- فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ [الْمَائِدَةِ: ٨٢- ٨٣] .

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: نَزَلَتْ فِي سَبْعِينَ مِنَ الْقِسِّيسِينَ بَعَثَهُمُ النَّجَاشِيُّ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَيْهِمْ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ حَتَّى خَتَمَهَا، فَجَعَلُوا يَبْكُونَ وَأَسْلَمُوا، وَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ الْأُخْرَى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ يَعْنِي مِنْ قَبْلِ هَذَا الْقُرْآنِ كُنَّا مُسْلِمِينَ، أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>