للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ وَثَّقَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ ضَعَّفَهُ، وَنَصَّ عَلَى نَكَارَةِ حَدِيثِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِيهِ هُوَ مَتْرُوكٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ كُلُّهَا فِيهَا نَظَرٌ، إِلَّا أَنَّهُ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ فِي جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ، قُلْتُ:

وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ قَدْ أَفْرَدْتُهَا فِي جُزْءٍ عَلَى حِدَةٍ، وَأَمَّا سِيَاقُهُ فَغَرِيبٌ جِدًّا، وَيُقَالُ: إِنَّهُ جَمَعَهُ مِنْ أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، وَجَعَلَهُ سِيَاقًا وَاحِدًا فَأُنْكِرَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ يَقُولُ: إِنَّهُ رَأَى لِلْوَلِيدِ بن مسلم مصنفا قد جمعه، كالشواهد لبعض مفردات هذا الحديث، فالله أعلم.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٧٤ الى ٧٩]

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٧٤) وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨)

إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)

قَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَبَا إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ آزَرُ، وإنما كَانَ اسْمُهُ تَارِحَ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلُ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ شَبِيبٌ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ يَعْنِي بِآزَرَ الصَّنَمَ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ اسْمُهُ تَارِحُ، وَأُمُّهُ اسْمُهَا مَثَانِي، وَامْرَأَتُهُ اسْمُهَا سَارَةُ، وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ اسْمُهَا هَاجَرُ، وَهِيَ سُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَهَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ النَّسَبِ إِنَّ اسْمَهُ تَارِحُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ والسُّدِّيُّ: آزَرُ اسْمُ صَنَمٍ، قُلْتُ: كَأَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ آزَرُ، لِخِدْمَتِهِ ذَلِكَ الصَّنَمَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ سَبٌّ وَعَيْبٌ بِكَلَامِهِمْ، وَمَعْنَاهُ مُعْوَجٌّ، وَلَمْ يُسْنِدْهُ وَلَا حَكَاهُ عَنْ أَحَدٍ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذُكِرَ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقْرَأُ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهَا أَعْوَجُ، وَأَنَّهَا أَشَدُّ كَلِمَةٍ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : وَالصَّوَابُ أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ آزَرُ، ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلَ النَّسَّابِينَ أَنَّ اسْمَهُ تَارِحُ، ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ اسْمَانِ، كَمَا لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا لَقَبًا، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ جَيِّدٌ قَوِيٌّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي أَدَاءِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ فَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً مَعْنَاهُ يَا آزَرُ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالْفَتْحِ، إِمَّا عَلَى أَنَّهُ علم أعجمي


(١) تفسير الطبري ٥/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>