للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره، فقال لهم أصحاب الإمام أحمد: إنما اقتصر على مسح الناصية لأنه كمل مسح بقية الرأس على العمامة، ونحن نقول بذلك وأنه يقع عن الموقع، كما وردت بذلك أحاديث كثيرة وأنه كان يمسح على العمامة وعلى الخفين، فهذا أولى، وليس لكم فيه دلالة على جواز الاقتصار على مسح الناصية أو بعض الرأس من غير تكميل على العمامة، والله أعلم.

ثم اختلفوا في أنه هل يستحب تكرار مسح الرأس ثلاثا، كما هو المشهور من مذهب الشافعي، أو يستحب مسحة واحدة كما هو مذهب أحمد بن حنبل ومن تابعه على قولين، فقال عبد الرزاق، عن معمر عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن حمران بن أبان، قال:

رأيت عثمان بن عفان توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا، فغسلهما ثم تمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا، ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم مسح برأسه، ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثا، ثم اليسرى ثلاثا مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلّى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه» أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين (١) من طريق الزهري به نحو هذا. وفي سنن أبي داود (٢) من رواية عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن عثمان في صفة الوضوء: ومسح برأسه مرة واحدة، وكذا من رواية عبد خير عن علي مثله. واحتج من استحب تكرار مسح الرأس بعموم الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن عثمان : أن رسول الله توضأ ثلاثا ثلاثا.

وقال أبو داود (٣): حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا الضحاك بن مخلد، حدثنا عبد الرحمن بن وردان، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثني حمران قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ فذكر نحوه، ولم يذكر المضمضة والاستنشاق، قال فيه: ثم مسح رأسه ثلاثا، ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال: رأيت رسول الله توضأ هكذا، وقال «من توضأ هكذا (٤) كفاه» تفرد به أبو داود. ثم قال: وأحاديث عثمان في الصحاح تدل على أنه مسح الرأس مرة واحدة.

قوله ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ قرئ وأرجلكم بالنصب عطفا على ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو سلمة، حدثنا وهيب عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قرأها وأرجلكم، يقول: رجعت إلى الغسل، وروي عن عبد الله بن مسعود وعروة وعطاء وعكرمة والحسن ومجاهد وإبراهيم والضحاك والسدي ومقاتل بن حيان


(١) صحيح البخاري (وضوء باب ٢٤ و ٢٨) وصحيح مسلم (طهارة حديث ٣ و ٤ و ٨)
(٢) سنن أبي داود (طهارة باب ٥١)
(٣) المصدر السابق.
(٤) في أبي داود: «من توضأ دون هذا كفاه». وأضاف: ولم يذكر أمر الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>