للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق القاسم بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جده، عن جابر بن عبد الله قال:

كان رسول الله إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه، ولكن القاسم هذا متروك الحديث، وجده ضعيف، والله أعلم.

ويستحب للمتوضئ أن يشرع في العضد فيغسله مع ذراعيه لما روى البخاري ومسلم من حديث نعيم المجمر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» (١) وفي صحيح مسلم عن قتادة عن خلف بن خليفة، عن أبي مالك الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال:

سمعت خليلي يقول «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» (٢).

وقوله تعالى ﴿وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ﴾ اختلفوا في هذه الباء: هل هي للإلصاق؟ وهو الأظهر، أو للتبعيض؟ وفيه نظر، على قولين. ومن الأصوليين من قال: هذا مجمل فليرجع في بيانه إلى السنة، وقد ثبت في الصحيحين من طريق مالك عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه أن رجلا قال لعبد الله بن زيد بن عاصم، وهو جد عمرو بن يحيى، وكان من أصحاب النبي : هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم فدعا بوضوء فأفرغ على يديه، فغسل يديه مرتين مرتين، ثم مضمض واستنشق ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين، ثم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه (٣). وفي حديث عبد خير عن علي في صفة وضوء رسول الله نحو هذا، وروى أبو داود عن معاوية والمقداد بن معديكرب في صفة وضوء رسول الله مثله، ففي هذه الأحاديث دلالة لمن ذهب إلى وجوب تكميل مسح جميع الرأس، كما هو مذهب الإمام مالك وأحمد بن حنبل لا سيما على قول من زعم أنها خرجت مخرج البيان لما أجمل في القرآن.

وقد ذهب الحنفية إلى وجوب مسح ربع الرأس، وهو مقدار الناصية، وذهب أصحابنا إلى أنه إنما يجب ما يطلق عليه اسم مسح ولا يقدر ذلك بحد، بل لو مسح بعض شعرة من رأسه أجزأه، واحتج الفريقان بحديث المغيرة بن شعبة قال: تخلف النبي فتخلفت معه، فلما قضى حاجته قال: هل معك ماء؟ فأتيته بمطهرة فغسل كفيه ووجهه، ثم ذهب يحسر عن ذراعيه فضاق كم الجبة، فأخرج يديه من تحت الجبة، وألقى الجبة على منكبيه، فغسل ذراعيه ومسح بناصيته، وعلى العمامة وعلى خفيه، وذكر باقي الحديث وهو في صحيح مسلم (٤)


(١) صحيح البخاري (وضوء باب ٣) وصحيح مسلم (طهارة حديث ٣٤ - ٣٥)
(٢) صحيح مسلم (طهارة حديث ٤٠) وسنن النسائي (طهارة باب ١٠٩)
(٣) موطأ مالك (طهارة حديث ١) وفيه: «أنه قال لعبد الله بن زيد» في موضع «أن رجلا قال … ».
(٤) صحيح مسلم (طهارة حديث ٨١) وسنن النسائي (طهارة باب ٨٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>