للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد (١): حدثنا الحسن بن سوار، حدثنا الليث عن معاوية عن أيوب بن زياد، حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة، حدثني أبي قال: دخلت على عبادة وهو مريض أتخايل فيه الموت فقلت: يا أبتاه أوصني واجتهد لي، فقال: أجلسوني، فلما أجلسوه قال: يا بني إنك لم تطعم طعم الإيمان ولم تبلغ حق حقيقة العلم بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره. قلت: يا أبتاه وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره؟ قال: تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، يا بني إني سمعت رسول الله يقول: «إن أول ما خلق الله القلم ثم قال له اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة» يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار (٢).

ورواه الترمذي عن يحيى بن موسى البلخي عن أبي داود الطيالسي عن عبد الواحد بن سليم عن عطاء بن أبي رباح عن الوليد بن عبادة عن أبيه به وقال: حسن صحيح غريب. وقال سفيان الثوري عن منصور عن ربعي بن خراش، عن رجل عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله : «لا يؤمن أحد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله بعثني بالحق، ويؤمن بالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر خيره وشره» (٣) وكذا رواه الترمذي من حديث النضر بن شميل عن شعبة عن منصور به، ورواه من حديث أبي داود الطيالسي عن شعبة عن منصور عن ربعي عن علي فذكره وقال: هذا عندي أصح، وكذا رواه ابن ماجة من حديث شريك عن منصور عن ربعي عن علي به. وقد ثبت في صحيح مسلم من رواية عبد الله بن وهب وغيره عن أبي هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : «إن الله كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة» (٤) زاد ابن وهب ﴿وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾ [هود: ٧] ورواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب.

وقوله تعالى: ﴿وَما أَمْرُنا إِلاّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ وهذا إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه، كما أخبرنا بنفوذ قدره فيهم فقال: ﴿وَما أَمْرُنا إِلاّ واحِدَةٌ﴾ أي إنما نأمر بالشيء مرة واحدة لا نحتاج إلى تأكيد بثانية، فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلا موجودا كلمح البصر، لا يتأخر طرفة عين، وما أحسن ما قال بعض الشعراء: [الطويل] إذا ما أراد الله أمرا فإنما … يقول له كن قولة فيكون


(١) المسند ٥/ ٣١٧.
(٢) أخرجه الترمذي في القدر باب ١٧.
(٣) أخرجه الترمذي في القدر باب ١٠، وابن ماجة في المقدمة باب ٩.
(٤) أخرجه مسلم في القدر حديث ١٦، والترمذي في القدر باب ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>