للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَلَّى فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا فَقَالَ مُنَافِقٌ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ الْفَتَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: جِئْتُ أُصَلِّي مَعَهُ فَطَوَّلَ عَلَيَّ، فَانْصَرَفْتُ وَصَلَّيْتُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فعلفت ناقتي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَتَّانٌ يَا مُعَاذُ؟ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى: ١]- وَالشَّمْسِ وَضُحاها [الشمس: ١]- وَالْفَجْرِ- وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى [الليل: ١] » «١» .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١ الى ١٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)

هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩)

وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤)

أَمَّا الْفَجْرُ فَمَعْرُوفٌ وَهُوَ الصُّبْحُ، قَالَهُ عَلَيٌّ وابن عباس وعكرمة ومجاهد والسدي، وعن مسروق ومحمد بن كعب ومجاهد: الْمُرَادُ بِهِ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ خَاصَّةً، وَهُوَ خَاتِمَةُ اللَّيَالِي الْعَشْرِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ الَّتِي تُفْعَلُ عِنْدَهُ كَمَا قَالَهُ عِكْرِمَةُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ النَّهَارِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللَّيَالِي الْعَشْرُ الْمُرَادُ بِهَا عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «٢» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ:

«وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْعَشْرُ الْأَوَّلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، حَكَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ وَلَمْ يَعْزُهُ إِلَى أَحَدٍ، وَقَدْ رَوَى أَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَيالٍ عَشْرٍ قَالَ: هُوَ الْعَشْرُ الْأَوَّلُ مِنْ رَمَضَانَ، وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٣» : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي خَيْرُ بْنُ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْعَشْرَ عَشْرُ الْأَضْحَى، وَالْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعُ يَوْمُ النَّحْرِ» ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَعَبْدَةَ بن عبد الله، وكل مِنْهُمَا عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ بِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٤» وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ زيد بن الحباب به، وهذا إسناد


(١) أخرجه مسلم في الصلاة حديث ١٧٨، والنسائي في الإقامة باب ٣٩، ٤١، والافتتاح باب ٧٠.
(٢) أخرجه البخاري في العيدين باب ١١، وابن ماجة في الصيام باب ٣٩.
(٣) المسند ٣/ ٣٢٧.
(٤) تفسير الطبري ١٢/ ٥٦٢، ٥٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>