للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ [الأعراف: ٥٠] والمناداة أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَأَهْلَ النَّارِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَاخْتَارَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَجْمُوعِ ذَلِكَ وَهُوَ قول حسن جيد، والله أعلم.

وقوله تعالى: يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ أَيْ ذَاهِبِينَ هَارِبِينَ كَلَّا لَا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ [الْقِيَامَةِ: ١١- ١٢] ولهذا قال عز وجل: مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ أَيْ لا مَانِعٌ يَمْنَعُكُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَعَذَابِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ [الرَّعْدِ: ٣٣، الزمر: ٢٣] أَيْ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ غيره.

وقوله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ يَعْنِي أَهْلَ مِصْرَ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ فِيهِمْ رَسُولًا من قبل موسى عليه الصلاة والسلام وهو يوسف عليه الصلاة والسلام كَانَ عَزِيزَ أَهْلِ مِصْرَ وَكَانَ رَسُولًا يَدْعُو إلى الله تعالى أمته القبط فما أطاعوه تلك الطاعة إِلَّا لِمُجَرَّدِ الْوِزَارَةِ وَالْجَاهِ الدُّنْيَوِيِّ وَلِهَذَا قَالَ تعالى: فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا أَيْ يَئِسْتُمْ فَقُلْتُمْ طَامِعِينَ: لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا وَذَلِكَ لِكُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ أي كحالكم هذا يكون حال من يضله الله لإسرافه في أفعاله وارتياب قلبه.

ثم قال عز وجل: الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ أَيِ الَّذِينَ يَدْفَعُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَيُجَادِلُونَ بالحجج بغير دليل وحجة معهم من الله تعالى فإن الله عز وجل يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ أَشَدَّ الْمَقْتِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ وَالْمُؤْمِنُونَ أَيْضًا يُبْغِضُونَ مَنْ تَكُونُ هَذِهِ صِفَتَهُ فَإِنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يَعْرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا وَلِهَذَا قَالَ تبارك وتعالى: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ أَيْ عَلَى اتِّبَاعِ الْحَقِّ جَبَّارٍ وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَحُكِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا:

لَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ جَبَّارًا حَتَّى يَقْتُلَ نَفْسَيْنِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ وَقَتَادَةُ: آية الجبابرة القتل بغير حق، والله تعالى أعلم.

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]

وَقالَ فِرْعَوْنُ يَا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبابٍ (٣٧)

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ فِرْعَوْنَ وَعُتُوِّهُ وَتَمَرُّدِهِ وَافْتِرَائِهِ فِي تكذيبه موسى عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ أَمَرَ وَزِيرَهُ هَامَانَ أَنْ يَبْنِيَ لَهُ صَرْحًا وَهُوَ الْقَصْرُ الْعَالِي الْمُنِيفُ الشَّاهِقُ وَكَانَ اتِّخَاذُهُ مِنَ الْآجُرِّ الْمَضْرُوبِ مِنَ الطِّينِ الْمَشْوِيِّ كما قال تعالى: فَأَوْقِدْ لِي يَا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي

<<  <  ج: ص:  >  >>