للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ الْجَنَّةَ فسمع في جانبها وخشا فَقَالَ:

يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بلال المؤذن، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَ إِلَى الناس «قد أفلح بلال رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا» قَالَ: فَلَقِيَهُ مُوسَى عليه السلام، فرحب به قال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، قَالَ:

وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ، سَبْطٌ شَعْرُهُ مَعَ أُذُنَيْهِ أَوْ فَوْقَهُمَا، فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا موسى، قَالَ: فَمَضَى فَلَقِيَهُ شَيْخٌ جَلِيلٌ مُتَهَيِّبٌ فَرَحَّبَ بِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَكُلُّهُمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، قَالَ:

مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ- قَالَ- وَنَظَرَ فِي النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ يَأْكُلُونَ الْجِيَفَ، قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم النَّاسِ، وَرَأَى رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ جِدًّا قَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ- قَالَ- فَلَمَّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى، قَامَ يُصَلِّي فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْيَمِينِ وَالْآخَرِ عَنِ الشِّمَالِ، فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ، فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَشَرِبَ مِنْهُ، فَقَالَ الَّذِي كَانَ مَعَهُ الْقَدَحُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ.

[طَرِيقٌ أُخْرَى]- قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ أَبُو زَيْدٍ، حَدَّثَنَا هِلَالٌ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَحَدَّثَهُمْ بمسيره وبعلامة بيت المقدس وبعيرهم، فقال الناس: نَحْنُ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا بِمَا يَقُولُ، فَارْتَدُّوا كُفَّارًا فَضَرَبَ اللَّهُ رِقَابَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ، وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ، هَاتُوا تَمْرًا وَزُبْدًا فَتَزَقَّمُوا «٣» ، وَرَأَى الدَّجَّالَ فِي صُورَتِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ لَيْسَ بِرُؤْيَا مَنَامٍ وَعِيسَى وموسى وإبراهيم، وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدَّجَّالِ فَقَالَ «رَأَيْتُهُ فَيْلَمَانِيًّا «٤» أَقْمَرَ هِجَانًا «٥» ، إِحْدَى عَيْنَيْهِ قَائِمَةٌ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، كَأَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ أغصان شجرة، ورأيت عيسى عليه السلام أبيض، جعد الرأس «٦» حديد البصر، ومبطن الخلق «٧» ، ورأيت موسى عليه السلام أَسْحَمَ آدَمَ «٨» ، كَثِيرَ الشَّعْرِ، شَدِيدَ الْخَلْقِ، وَنَظَرْتُ إلى إبراهيم عليه السلام فلم أنظر إلى


(١) المسند ١/ ٢٥٧.
(٢) المسند ١/ ٣٧٤.
(٣) تزقّموا: أي كلوا.
(٤) الفيلم: العظيم الجثة، والفيلماني: منسوب إليه بزيادة الألف والنون للمبالغة.
(٥) الأقمر: الشديد البياض، والهجان: الأبيض أيضا.
(٦) جعد الرأس: أي جعد الشعر، والجعد: ضد السبط المسترسل.
(٧) مبطن الخلق: أي الضامر البطن.
(٨) الأسحم: الأسود، والآدم أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>