للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ﴾ [النحل: ٤٨] ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة:٢٥٧] ﴿وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١] وله نظائر كثيرة.

وقوله تعالى: ﴿اللاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث الرازي، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل عن السدي عن أبي صالح عن أم هانئ قالت: خطبني رسول الله فاعتذرت إليه فعذرني، ثم أنزل الله تعالى: ﴿إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ قالت: فلم أكن أحل له، ولم أكن ممن هاجر معه كنت من الطلقاء. ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن عبيد الله بن موسى به، ثم رواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح عنها بنحوه، ورواه الترمذي في جامعه. وهكذا قال أبو رزين وقتادة إن المراد من هاجر معه إلى المدينة. وفي رواية عن قتادة ﴿اللاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ أي أسلمن، وقال الضحاك: قرأ ابن مسعود «واللائي هاجرن معك».

وقوله تعالى: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ﴾ الآية، أي ويحل لك أيها النبي المرأة المؤمنة إن وهبت نفسها لك أن تتزوجها بغير مهر إن شئت ذلك. وهذه الآية توالى فيها شرطان، كقوله تعالى إخبارا عن نوح أنه قال لقومه ﴿وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ﴾ [هود: ٣٤] وكقول موسى ﴿يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٨٤] وقال هاهنا: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ﴾ الآية.

وقد قال الإمام أحمد (١): حدثنا إسحاق، أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياما طويلا، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله : «هل عندك من شيء تصدقها إياه؟» فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله : «إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئا» فقال: لا أجد شيئا، فقال «التمس ولو خاتما من حديد» فالتمس فلم يجد شيئا، فقال له النبي : «هل معك من القرآن شيء؟» قال: نعم سورة كذا وسورة كذا-السور يسميها-فقال له النبي : «زوجتكها بما معك من القرآن» (٢) أخرجاه من حديث مالك.

وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا عفان، حدثنا مرحوم، سمعت ثابتا يقول: كنت مع أنس


(١) المسند ٥/ ٣٣٦.
(٢) أخرجه البخاري في النكاح باب ٤٠، ومسلم في النكاح حديث ٣٥، ٧٦.
(٣) المسند ٣/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>