للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَفْسِيرُ

سُورَةِ التَّغَابُنِ

وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ وَقِيلَ مَكِّيَّةٌ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا مَكْتُوبٌ فِي تَشْبِيكِ رَأْسِهِ خَمْسُ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ التَّغَابُنِ» أَوْرَدَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ الْوَلِيدِ بْنِ صَالِحٍ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا بَلْ منكر.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة التغابن (٦٤) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤)

هَذِهِ السُّورَةُ هِيَ آخِرُ الْمُسَبِّحَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَسْبِيحِ الْمَخْلُوقَاتِ لِبَارِئِهَا وَمَالِكِهَا، وَلِهَذَا قَالَ تعالى: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ أَيْ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ الْمَحْمُودُ عَلَى جَمِيعِ مَا يخلقه ويقدره. وقوله تعالى: وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَيْ مَا أَرَادَ كَانَ بِلَا مُمَانِعٍ وَلَا مُدَافِعٍ وَمَا لم يشأ لم يكن. وقوله تَعَالَى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ أَيْ هُوَ الْخَالِقُ لَكُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَأَرَادَ مِنْكُمْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ، وَهُوَ الْبَصِيرُ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْهِدَايَةَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الضَّلَالَ، وَهُوَ شَهِيدٌ عَلَى أَعْمَالِ عِبَادِهِ وَسَيَجْزِيهِمْ بِهَا أَتَمَّ الْجَزَاءَ، وَلِهَذَا قَالَ تعالى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ثم قال تعالى: خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ أَيْ بِالْعَدْلِ وَالْحِكْمَةِ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ أَيْ أَحْسَنَ أَشْكَالَكُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ [الانفطار: ٦- ٨] . وكقوله تَعَالَى: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ

[غافر: ٦٤] الآية، وقوله تعالى: وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ أَيِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ عِلْمِهِ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ السَّمَائِيَّةِ وَالْأَرْضِيَّةِ والنفسية فقال تعالى:

يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>