للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأرض، فهو حرام بحرمة الله، إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا في ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها» فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم، فقال «إلا الإذخر» (١)، ولهما عن أبي هريرة مثله أو نحوه.

ولهما واللفظ لمسلم أيضا عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولا قام به رسول الله الغد من يوم الفتح سمعته أذناي ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به، إنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال «إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فيها فقولوا له إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب». فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيا، ولا فارا بدم، ولا فارا بخزية.

وعن جابر قال: سمعت رسول الله يقول «لا يحل لأحد كم أن يحمل بمكة السلاح» رواه مسلم. وعن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري أنه سمع رسول الله وهو واقف بالحزورة بسوق مكة، يقول «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت». رواه الإمام أحمد (٢)، وهذا لفظه، والترمذي والنسائي وابن ماجة، وقال الترمذي: حسن صحيح، وكذا صحّح من حديث ابن عباس نحوه وروى أحمد عن أبي هريرة نحوه.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا بشر بن آدم ابن بنت أزهر السمان، حدثنا أبو عاصم، عن زريق بن مسلم الأعمى مولى بني مخزوم، حدثني زياد ابن أبي عياش، عن يحيى بن جعدة بن هبيرة في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً﴾ قال: آمنا من النار. وفي معنى هذا القول الحديث الذي رواه البيهقي: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، حدثنا أحمد بن عبيد، حدثنا محمد بن سليمان الواسطي، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا ابن المؤمل عن ابن محيصن، عن عطاء، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله «من دخل البيت دخل في حسنة، وخرج من سيئة، وخرج مغفورا له» ثم قال: تفرد به عبد الله بن المؤمل، وليس بالقوي.


(١) صحيح البخاري (حج باب ٤٣ وصيد باب ٨) وصحيح مسلم (حج حديث ٤٤٥) وسنن النسائي (مناسك باب ١١٠) ومسند أحمد (١/ ٢٥٩)
(٢) مسند أحمد ٤/ ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>