وجد رسول الله ﷺ إلا جليبيبا وقد منعناها من فلان وفلان، قال: والجارية في سترها تسمع، قال: فانطلق الرجل يريد أن يخبر رسول الله ﷺ بذلك، فقالت الجارية: أتريدون أن تردوا على رسول الله ﷺ أمره، إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه، قال: فكأنها جلت عن أبويها، وقالا:
صدقت فذهب أبوها إلى رسول الله ﷺ فقال: إن كنت رضيته فقد رضيناه، قال ﷺ«فإني قد رضيته» قال: فزوجها، ثم فزع أهل المدينة فركب جليبيب، فوجدوه قد قتل وحوله ناس من المشركين قد قتلهم، قال أنس ﵁: فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق بيت بالمدينة.
وقال الإمام أحمد (١): حدثنا عفان، حدثنا حماد يعني ابن سلمة عن ثابت عن كنانة بن نعيم العدوي، عن أبي برزة الأسلمي قال: إن جليبيبا كان امرأ يدخل على النساء يمر بهن ويلاعبهن، فقلت لامرأتي: لا يدخلن اليوم عليكن جليبيبا فإنه إن دخل عليكن لأفعلن ولأفعلن، قالت: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيم لم يزوجها حتى يعلم هل للنبي ﷺ فيها حاجة أم لا، فقال النبي ﷺ لرجل من الأنصار «زوجني ابنتك» قال: نعم وكرامة يا رسول الله ونعمة عين، فقال ﷺ:«إني لست أريدها لنفسي» قال: فلمن يا رسول الله؟ قال ﷺ«لجليبيب» فقال: يا رسول الله أشاور أمها، فأتى أمها، فقال: رسول الله ﷺ يخطب ابنتك؟ فقالت: نعم ونعمة عين، فقال: إنه ليس يخطبها لنفسه إنما يخطبها لجليبيب، فقالت:
أجليبيب إنيه أجليبيب إنيه؟ ألا لعمر الله لا نزوجه، فلما أراد أن يقوم ليأتي رسول الله ﷺ فيخبره بما قالت أمها، قالت الجارية: من خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمها، قالت: أتردون على رسول الله ﷺ أمره؟ ادفعوني إليه، فإنه لن يضيعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله ﷺ فقال:
شأنك بها فزوجها جليبيبا.
قال: فخرج رسول الله ﷺ في غزوة له، فلما أفاء الله عليه قال لأصحابه ﵃«هل تفقدون من أحد»؟ قالوا: نفقد فلانا ونفقد فلانا، قال ﷺ«انظروا هل تفقدون من أحد» قالوا: لا. قال ﷺ:«لكنني أفقد جليبيبا» قال ﷺ«فاطلبوه في القتلى» فطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه، فقالوا: يا رسول الله ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه، فأتاه رسول الله ﷺ فقام عليه فقال «قتل سبعة وقتلوه، هذا مني وأنا منه» مرتين أو ثلاثا، ثم وضعه رسول الله ﷺ على ساعديه وحفر له ماله سرير إلا ساعد النبي ﷺ، ثم وضعه في قبره ولم يذكر أنه غسله ﵁، قال ثابت ﵁: فما كان في الأنصار أيم أنفق منها. وحديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتا: هل تعلم ما دعا لها رسول الله ﷺ؟ فقال: قال «اللهم صب عليها الخير صبا ولا تجعل عيشها كدا» وكذا كان، فما كان في الأنصار أيم أنفق منها.