للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد فلولكم منهم. وقوله تعالى: لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى مَا فاتَكُمْ أَيْ عَلَى ما فاتكم من الغنيمة والظفر بعدوكم وَلا ما أَصابَكُمْ من الجراح والقتل، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ سبحانه وبحمده لا إله إلا هو جل وعلا.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٥٤ الى ١٥٥]

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٥٤) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٥٥)

يَقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى عِبَادِهِ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْأَمَنَةِ وَهُوَ النُّعَاسُ الَّذِي غَشِيَهُمْ وَهُمْ مُسْتَلْئِمُو السِّلَاحِ فِي حَالِ هَمِّهِمْ وَغَمِّهِمْ، وَالنُّعَاسُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ دَلِيلٌ عَلَى الْأَمَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ [الأنفال: ١١] ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأشج، حدثنا أبو نعيم وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: النُّعَاسُ فِي الْقِتَالِ مِنَ اللَّهِ وَفِي الصَّلَاةِ مِنَ الشَّيْطَانِ.

وَقَالَ البخاري: وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حدثنا سعيد عن قتادة، عن أنس، عن أبي طلحة، قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا، يَسْقُطُ وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ، وهكذا رَوَاهُ فِي الْمُغَازِي مُعَلَّقًا، وَرَوَاهُ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ مُسْنَدًا عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ.

وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عن أنس، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ، رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ وَمَا مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إلا يميل تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعَاسِ، لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي قُتَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، كِلَاهُمَا عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: كُنْتُ فِيمَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ النُّعَاسُ، الْحَدِيثَ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوف وقال البيهقي: حدثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>