للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد (١) عن أسود بن عامر عن شريك عن محمد بياع الملاء عن أبيه عن أبي هريرة فذكره.

وقد روي من حديث جابر نحو هذا، ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق هشام بن عمار، حدثنا عبد ربه بن صالح عن عروة بن رويم عن جابر بن عبد الله عن النبي : لما نزلت ﴿إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ﴾ ذكر فيها ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ قال عمر: يا رسول الله ثلة من الأولين وقليل منا؟ قال: فأمسك آخر السورة سنة ثم نزل ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ فقال رسول الله : «يا عمر تعال فاسمع ما قد أنزل الله ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ ألا وإن من آدم إلى ثلة وأمتي ثلة، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له» هكذا أورده في ترجمة عروة بن رويم إسنادا ومتنا، ولكن في إسناده نظر، وقد وردت طرق كثيرة متعددة بقوله : «إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة» الحديث بتمامه وهو مفرد في صفة الجنة، ولله الحمد والمنة. وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا فيه نظر بل هو قول ضعيف، لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة، والظاهر أن لمقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم والله أعلم. فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح، هو أن يكون المراد بقوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾ أي من صدر هذه الأمة ﴿وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ أي من هذه الأمة.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا عفان، حدثنا عبد الله بن بكر المزني، سمعت الحسن أتى على هذه الآية ﴿وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ فقال:

ما السابقون فقد مضوا ولكن اللهم اجعلنا من أصحاب اليمين. ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا أبو لوليد، حدثنا السري بن يحيى قال: قرأ الحسن ﴿وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾ قال ثلة ممن مضى من هذه الأمة.

وحدثنا أبي حدثنا عبد العزيز بن المغيرة المنقري حدثنا أبو هلال عن محمد بن سيرين أنه قال في هذه الآية ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ قال: كانوا يقولون أو يرجون أن يكونوا كلهم من هذه الأمة، فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمة، ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها، فيحتمل أن تعم الآية جميع الأمم كل أمة بحسبها، ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها من غير وجه أن رسول الله قال: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» (٢) الحديث بتمامه.


(١) المسند: ٢/ ٣٩١.
(٢) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي باب ١، والترمذي في الفتن باب ٤٥، وابن ماجة في الأحكام باب ٢٧، وأحمد في المسند ١/ ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>