للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظننت أن لهذه الساعة صلاة يقول ﷿: ﴿يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ﴾ ثم رواه من حديث سعيد بن أبي عروبة عن أبي المتوكل عن أيوب بن صفوان عن مولاه عبد الله بن الحارث بن نوفل أن ابن عباس كان لا يصلي الضحى فأدخلته على أم هانئ فقلت أخبري هذا ما أخبرتني به فقالت: دخل علي رسول الله يوم الفتح في بيتي ثم أمر بماء صب في قصعة ثم أمر بثوب فأخذ بيني وبينه فاغتسل ثم رش ناحية البيت فصلى ثمان ركعات وذلك من الضحى قيامهن وركوعهن وسجودهن وجلوسهن سواء قريب بعضهن من بعض فخرج ابن عباس وهو يقول: لقد قرأت ما بين اللوحين ما عرفت صلاة الضحى إلا الآن ﴿يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ﴾ وكنت أقول أين صلاة الإشراق وكان بعد يقول صلاة الإشراق ولهذا قال ﷿: ﴿وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً﴾ أي محبوسة في الهواء ﴿كُلٌّ لَهُ أَوّابٌ﴾ أي مطيع يسبح تبعا له، وقال سعيد بن جبير وقتادة ومالك عن زيد بن أسلم وابن زيد ﴿كُلٌّ لَهُ أَوّابٌ﴾ أي مطيع.

وقوله تعالى: ﴿وَشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾ أي جعلنا له ملكا كاملا من جميع ما يحتاج إليه الملوك، قال ابن أبي نجيح عن مجاهد كان أشد أهل الدنيا سلطانا، وقال السدي كان يحرسه كل يوم أربعة آلاف، وقال بعض السلف بلغني أنه كان يحرسه في كل ليلة ثلاثة وثلاثين ألفا لا تدور عليهم النوبة إلى مثلها من العام القابل، وقال غيره أربعون ألفا مشتملون بالسلاح.

وقد ذكر ابن جرير (١) وابن أبي حاتم من رواية علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس أن نفرين من بني إسرائيل استعدى أحدهما على الآخر إلى داود أنه اغتصبه بقرا فأنكر الآخر ولم يكن للمدعي بينة فأرجأ أمرهما فلما كان الليل أمر داود في المنام بقتل المدعي، فلما كان النهار طلبهما وأمر بقتل المدعي فقال يا نبي الله علام تقتلني وقد اغتصبني هذا بقري؟ فقال له إن الله تعالى أمرني بقتلك فأنا قاتلك لا محالة، فقال والله إن الله لم يأمرك بقتلي لأجل هذا الذي ادعيت عليه وإني لصادق فيما ادعيت ولكني كنت قد اغتلت أباه وقتلته ولم يشعر بذلك أحد فأمر به داود فقتل، قال ابن عباس : فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وهو الذي يقول الله ﷿ ﴿وَشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾.

وقوله عز وعلا: ﴿وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ﴾ قال مجاهد يعني الفهم والعقل والفطنة، وقال مرة:

الحكمة والعدل، وقال مرة: الصواب، وقال قتادة كتاب الله واتباع ما فيه، فقال السدي ﴿الْحِكْمَةَ﴾ النبوة وقوله ﴿وَفَصْلَ الْخِطابِ﴾ قال شريح القاضي والشعبي: فصل الخطاب الشهود والأيمان وقال قتادة شاهدان على المدعي أو يمين المدعي عليه هو فصل


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٥٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>